أصبحت مقولة «الإسلام والعنف» تميمة سحرية، ومثار اهتمام وتدوير بالغين من طرف اليمين العالمي المهجوس باختلاق المعارك مع الغير عطفاً على منطق الرفض المسبق لأي نموذج يغاير النموذج الرأسمالي التاريخي. فبعد أن فرغ الأيديولوجي اليميني من معركته مع المعسكر الاشتراكي والشيوعية الدولية أصبح يبحث عن عدو جديد ؛لأنه لا يستطيع العيش في بيئة تخلو من الصراع والتدافعات المتوحشة. والحال فإن اليمين النيتشوي الأمريكي يعتقد جازماً بأن العالم يستقيم على الفوضى والتدمير، وأن الجديد لا يخرج من أحشاء القديم بصورة رشيقة متدرجة، بل عبر المخاضات والآلام والمفارقات. ولهذا السبب وجد اليمين العالمي المتوحش ضالته في النزعة الهارماجدونية «نسبة إلى معركة هارمجدون التوراتية» التي تسبق ظهور السيد المسيح، وترد في مدونات العهدين القديم والجديد من الكتاب المقدس لليهود والمسيحيين. إنه ذات اليمين العالمي الذي برر ويبرر حرب العراق وأفغانستان بوصفهما «فوضى بناءة» ويرفض الاعتراف بالأخطاء والخطايا المترافقة مع سياسة المبادآت العسكرية الاستراتيجية وخيمة العواقب. قبل حين فجرت كلمات البابا «بينيديكت السادس عشر» حول حوار البيزنطي «المفكر» مع التركي «العامي» فجّرت موضوعاً بالغ الخطورة والدلالة. والغريب العجيب أن البابا ذاته أسهم قبل حين في إثارة النزعة الطائفية الدينية بين الأرثوذوكس والكاثوليك الرومان، وذلك بعد مطالبته الكنيسة الكاثوليكية الرومانية باستعادة أملاكها وأراضيها ومقابرها!. علماً بأن تلك الأملاك المزعومة تاهت في إضبارة القوانين الاشتراكية الرومانية التي اعتبرت الدين الأرثوذكسي ديناً رسمياً للدولة الرومانية لما بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الشيوعية هناك. رومانيا ذات المنشأ الثقافي اللاتيني المُجيّر على عائلة اللغات اللاتينية «الإيطالية - الفرنسية - الأسبانية-البرتغالية» مازالت تدفع ثمن ارثوذوكسيتها «السلافية» ولن تخرج منها. ما يحيق بالمسلمين يطال الآخرين أيضاً، فلا تحزنوا أيها العرب المسلمون.