أذكر أنني قرأت كتاباً مهماً في الستينيات لعالم المستقبليات الأمريكي «ديفيد توفلر» كتب توفلر كتاباً بعنوان «صدمة المستقبل» وتحدث فيه عن مدن المستقبل وعلاقات الصداقة الآتية من تضاعيف تلك المدن وأحوالها ، والعلاقة بالأشياء النفعية .. والارتباط بالعمل وغيرها من سلوكات مجيرة على الثقافة الخاصة للأفراد كما على الثقافة العامة للمجموعات البشرية.. ولقد توصل توفلر إلى أن كل هذه الأمور ستختل اختلالاً جوهرياً وذلك مارأيناه بعد سنوات قليلة. وفي السنوات الأخيرة انتشرت بعض الطوائف الدينية الخلاصية الداعية إلى تحرير الإنسان من براثن العذابات الآتية سواءً بالانتحارات الجماعية أو القيام بأعمال القتل الجماعي لتخليص البشرية من الاهوال القادمة وتنفيذاً لإرادة الرب كما تقول طائفة «أوم» على سبيل المثال لا الحصر .. وبمقابل كل ذلك خرجت آلة الدمار الشاملة من قمقمها الذي كانت فيه أيام الحرب الباردة .. كما تمكنت العصبة اليمينية المتغطرسة ذات المناهج الانجيلية المتصهينة .. تمكنت من سدة البيت الأبيض في الولاياتالمتحدة فإذا بهم يشرعون في تقريب ساعة الموت الجماعي من خلال مغامرة الحرب الجديدة التي لن تكون كنظيراتها السابقات. المؤشرات في هذا الباب واضحة .. ذلك أن ردود الأفعال الرافضة لم تتوقف عند تخوم التحدي الكوري الشمالي المدعوم صينياً ، بل تواصل في رفض عربي له دلالة عميقة .. أيضاً اشارات أوروبية وروسية ذات مغزى في هذا الجانب .. مما يجعل الإدارة الأمريكية أمام خيار من اثنين أحلاهما مر .. فإما الحرب ارضاء للمخطط واستتباعاً له .. وإما التفاهم والتخلي عن المغامرة وهذا مايضع الإدارة الأمريكية أمام استحقاقات وعدت به ولم تستطع إنجازه !! وإذا افترضنا جدلاً .. بل وغالباً بوقوع الحرب .. حينها يمكننا تصور المسافة التي تفصل التوقعات عن الحقيقة حيث ستلتحم هذه بتلك فيما ذكرنا بما هو أسوأ من رؤيا المعمدان ونبوآت نوستراداموس وتوقعات كتاب السيناريوهات السينمائية الأغرب من الخيال. وإذا أرادت إدارة بوش حرب تحرك بتظاهرة عسكرية كرنفالية كتلك التي نشاهدها في أفلام هوليوود فليس أمامها سوى الرهان على قابليات تحلل النظام الإيراني ، أما إيران فإنها ستشرع في تدمير مصداقية الإدارة الأمريكية أمام الشعب الأمريكي والحلفاء الذين لم يوفروا جهداً أو وقتاً لنصيحة هذه الإدارة. ومهما يكن من أمر السيناريوهات المحتملة فإن مما لا جدال فيه أن أي توقف موقت للمصيبة لن تعني سوى عودتها اللاحقة بصورة أكثر فداحة وأبلغ مدى. [email protected]