هناك تشابه كبير بين ظروف وصول بوتين للسلطة في روسيا وظروف وصول الرئيس هادي للسلطة في اليمن ، ليس ذلك فحسب ، بل أن التشابه السيكلوجي من حيث عدم إفشاء الأسرار التي كانت سائدة في ظل النظام القديم في كل من اليمن وجمهورية روسيا الاتحادية والصفح عن الأخطاء الفادحة هي التي تجمع القائدين الروسي واليمني . وكان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي قد توجه يوم أمس الاثنين إلى جمهورية روسيا الاتحادية في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين . ويبدو بأن الزيارة تستهدف كذلك فضلا عن استلهام التجربة الروسية في مكافحة الفساد السياسي وعصابات المافيا التي دمرت الاقتصاد الروسي في عهد الرئيس الروسي بوريس يلتسين ، تناول ملف المقاتلين ( المرتزقة ) الذين يتم إرسالهم إلى سوريا بالآلاف ، حيث لا زال مثل هذا الملف يشكل قلقا كبيرا للروس لاسيما وأن مقاتلين من جمهورية الشيشان الداخلة في إطار الإتحاد الروسي يشاركون في هذه الحرب وأصبحت روسيا تخاف من أن تصبح مستقبلا هي هدف لإرسال مثل هؤلاء المقاتلين إلى الشيشان بعد سوريا وهم بالتأكيد يكتسبون خبرات ميدانية جديدة كل يوم في القتال الدائر في سوريا . هذا في حين أن هذه الزيارة وفقا للهدف المعلن “ تأتي في إطار تعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين والدفع بها إلى آفاق أوسع في كافة المجالات وتوسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين والشعبين الصديقين “ . المعروف بأن السلاح الروسي في الوقت الذي اكتسب تحسنا نوعيا في السنوات الأخيرة في الوقت الذي لا تمثل فاتورته عبئا على اقتصاد المدفوعات لأي دولة كاليمن ولهذا فإن ملف المشتريات العسكرية من جمهورية روسيا الاتحادية يمكن أن تصبح موضع نقاش وحوار بين الجانبين اليمني والروسي ، خاصة وأن الوفد الذي يرافق الرئيس هادي يضم في عضويته شخصيات وقيادات عسكرية كبيرة كنائب رئيس الأركان اللواء راجح لبوزة واللواء راشد الجند قائد القوات الجوية والدفاع الجوي. والملاحظ بأن الدعوة الروسية للرئيس اليمني قد جاءت بناءا على استقراء خفي للتشابه القائم بين وصول بوتين وهادي إلى السلطة في كثير من الأوجه من حيث، أنهما كانا جزءا من النظام القديم سواء لروسيا الاتحادية أو الجمهورية اليمنية .. كما جاءا بعد أنظمة أقل ما يقال عنها بأنها تدميرية لاقتصاديات الدولتين ، فبوريس يلتسين كان رجلا بلطجيا في أسلوب إدارته لجمهورية روسيا الاتحادية ولذلك قاد الجيش الروسي للهزيمة في جمهورية الشيشان ، كما قاد الرئيس السابق / على عبد الله صالح الجيش اليمني للهزيمة في صعدة . كانت عصابات المافيا الدولية تدخل إلى روسيا الاتحادية وتشفط عشرات المليارات من الدولارات الحقيقية التي غالبا ما كانت تدخل روسيا بصفة قروض ، ثم تستبدلها بعشرات من مليارات الدولارات المزورة التي تجلبها إلى جمهورية روسيا الاتحادية في وقت كان اقتصاد التهريب والفساد المافوي يعصف باليمن ويلتهم كل إمكانيات الدولة التنموية . روسيا الاتحادية في عهد حكم يلتسين استنزفت من قبل المافيات الدولية التي لا يستبعد أن تكون مرتبطة بأجهزة مخابرات دول كبرى وتخدم استراتيجياتها على المستويات الإقليمية والدولية ، واليمن كان الاقتصاد الطفيلي الذي تديره شركات المهربين وتجار المخدرات هو المنتعش على الساحة اليمنية ، لكن هل هناك تشابه بين الرئيس السابق / علي صالح وبوريس يلتسين ؟. الواقع يؤكد هذا فأسلوب الإدارة السياسية والاقتصادية القائمة على البلطجة وتفعيل قانون الغاب في الحياة السياسية والاقتصادية كان قائما في كل من روسياواليمن .. صحيح أننا في اليمن لم نبرأ بعد من أسلوب الإدارة القائمة على تحكيم قانون الغاب ، إلا أن هناك توجهات حكومية ورسمية لتجاوز هذه المعضلة أقل ما توصف بأنها تتسم بحسن النية . وإن كان الرئيس السابق للإتحاد الروسي بوريس يلتسين قد طلب ضمانات شخصية من بوتين في عدم محاكمته بسبب سوء الإدارة وسوء استغلال منصبه كرئيس للدولة ، فإن الرئيس السابق / علي عبد الله صالح قد طالب بضمانات إقليمية ومحلية في تحصينه عبر المبادرة الخليجية من المحاكمة ، ولا يستبعد أن يكون الرئيس هادي قد قدم ضمانات شخصية كضمانات محلية للرئيس السابق في عدم محاكمته والمؤشرات على هذا كثيرة ومنها أنه تكلم أمام ندوة هيكلة وزارة الداخلية والأمن بالقول في « أن قانون الحصانة صدرت الموافقة عليه بكلمة ويمكن أن نسقطه بكلمة » . هذا وفي الوقت الذي وفى فيه رئيس الإتحاد الروسي السابق بوريس يلتسين ، بوعوده في الاختفاء من الحياة السياسية الروسية وهو ما لم يعمله الرئيس اليمني السابق / علي عبد الله صالح ، بل لا زال يفتعل المشكلات للرئيس هادي وعلى رأسها ضرب خدمات البنى التحتية كالخدمات الأمنية وخدمات الكهرباء . رابط المقال على الفيس بوك