عتاب وشكوى وحنين وأسئلة حائرة ومحيرة، وخوف من المجهول والنسيان أو التناسي، ها هي تعز المحافظة اليمنية التي تقع جنوب العاصمة صنعاء تمد يديها بكل احترام وتودد إلى مؤتمر الحوار الوطني قائلة: أنا تعز.. فهل تعرفني يا مؤتمر الحوار؟ أنا تعز.. هل تحاول نسياني من جدول أعمالك؟ أنا تعز.. هل تحس بسكاني الأكثر على مستوى الجمهورية؟. إنني اليوم أبوح لك ببعض أسراري الدفينة لتضعها نصب عينيك وتتأمل معاناتي التي تتجرع الآلام والمنغصات لا أملك لها إلا الصبر عسى أن يحين النصر ويقرب الفرج. أنا تعز.. أم الثورات و منجبة الأبطال من معلمين ومهندسين ودكاترة وأطباء وجنود وعمال.. الخ ووزعتهم على جميع أنحاء الجمهورية بلا استثناء، فلا تكاد تخلو محافظة يمنية إلاّ وفيها أفراد عظماء من أبنائي.. وما زلت أتجرع مرارات قلة المياه وهزالة الكهرباء والتلوث البيئي وقلة الخدمات. ألم تعلم يا مؤتمر الحوار أن ابن تعز كالطفل الوديع إذا شبع هدأ ونام، وإذا جاع أحست به جبال: صبر وسامع وقدس والوازعية وشرعب ومقبنة والصلو.. وغيرها وتألمت له وديان: رسيان وورزان والضباب والبركاني واللحية... وتداعت له الحصون والقلاع والجوامع والأضرحة والمتاحف.. كل ذلك من أجل أن تغني له وتغرد وتلبسه نسيم الصبا وعطر الفل والورد والكاذي لتمسح دموعه وتربت على كتفيه كي يهدأ ويستريح ليس من شبعه بل من قطرات التعاون والوحدة والتراص فيشعر بالهدوء وبعض الأمان وإن كان في حلقه ألف شوكة. ألم تعلم يا مؤتمر الحوار أن تعز محافظة ثورية سلمية ووحدوية تتجلى في عيون أجيالها وينشد أطفالها كلام الشاعر عبدالله عبدالوهاب نعمان في كل طابور صباحي قائلين: رددي أيتها الدنيا نشيدي.. ردديه وأعيدي وأعيدي واذكري في فرحتي كل شهيد.. وامنحيه حللاً من ضوء عيدي وذلك بصوت أيوب العذب وشجن الروابي والسهول في الصيف أو الشتاء في الربيع أو الخريف؟ وما زالت تشعر بالظلم والتهميش. ألم تعلم يا مؤتمر الحوار أنني عاصمة الثقافة وليس لي من ثقافتي إلا الاسم، لأن الفساد وأشباح الاضطهاد والمشيخة تمد ألسنتها لتقضي على كل شيء جميل، وغابت دور الثقافة وبدأت معالمي السياحية تصاب بالغثيان والإهمال.. لا تقل يا مؤتمر الحوار أنني تلك المدينة المحصورة بين قلعة القاهرةجنوباً.. وعصيفرة شمالاً وبير باشا غرباً والحوبان شرقاً بل تلك المناطق هي قلبي النابض وتبقى جميع أعضائي موزعة بين مديرياتي الريفية ليكتمل عدد المديريات ال«23» والعزل ال«233» حسب التقسيم الإداري لعام 2004م قائلة: نحن هنا نراقب أعمالك حذو القذة بالقذة. يا مؤتمر الحوار.. أنا تعز أفرح عندما يقول محافظ المحافظة شوقي هائل أثناء افتتاح مؤتمر الحوار المحلي الأسبوع الماضي : إن تعز كانت السباقة في إطلاق مؤتمر حوار داخلي لنقل رؤية المحافظة وهمومها المحلية ووضع حلول لها، وأن تعز ستسهم من خلال عقد المؤتمر في تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية التي تصون كرامة المواطن وتحفظ حقوقه ولكن أخاف أن يكون هذا الحديث حديثاً دون تطبيق.. من جهة أخرى أبكي بكاءً حاراً من تحميل محافظ المحافظة رئيس مجلس الوزراء ووزير التعليم العالي ووزير الشئون القانونية مسئولية توقف الدراسة في جامعة تعز منذ أكثر من شهرين.. أبكي ليس من شخص المحافظ بل من تردي التعليم وتوقف الدراسة وغياب فضيلة التعاون لحل مشكلة التوقف تلك وأبكي من العودة إلى مربع تحميل طرف ما أخطاء غيره أو العودة إلى مستنقع “أنا مالي دخل” الأمر الذي يصب الزيت على النار، فبدلاً من أن يكون شعار المؤتمر المحلي أو الوطني التعاون والتراص تصبح النتائج والأفكار منصبة على آنية لا تحفظها، كصب الماء إلى “سلال” أو صب الماء فوق “سائلة” لا هي استفادت منها ولا الناس استفادوا منها. أنا تعز.. أخاف أن يكثر أبناء مديرياتي وتزداد البطالة في محيطي أكثر بكثير من التي رأيناها، كما أخاف أن يكثر متخرجو الجامعات ولا يجدوا وظائف ويكون سبيلهم اللجوء إلى الاصطفاف زرافات ووحدانا في أسواق الحراج وجولات المدن طلباً للعمل والعيش الرغيد وإبعاد أسرهم من شبح الذلة والمسكنة، وقد رأيتم يا مؤتمر الحوار وجودهم ذلك بأم أعينكم. أنا تعز.. ما زال القلق الأمني يغتال أفرادي أي ما زال الأمن ضعيفاً، وما زال الفقر والجوع والمرض ينهش الأجيال فكن يا مؤتمر الحوار خير معين وخير سفير ومتحدث لهذه المحافظة المقهورة. يا مؤتمر الحوار أنا تعز ترابها جنان وجمالها حسان وأنينها مرجان وهواؤها فتان وصراخها أفنان وابتسامتها عنوان فكن لها صاحب عطف وحنان. وختاماً ها هي تعز تحدثت ببعض أسرارها لمؤتمر الحوار الوطني ليتم إدخال قضيتها من ضمن قضايا الحوار الوطني ونقل الصورة التعزية كما هي دون تنظير أو تعصب أو محاباة، والجميع يعلم بمعاناة تعز وأهلها قروناً.. وليس لحل معاناتها وإهمالها إلا الرجال الأشداء المخلصين الذين يهمهم حل كل مشاكل الوطن وحل كل قضايا المحافظات بلا استثناء وإلا فإن التعداد السكاني الذي يفوق المليونين في تعز سيصبح كالسيل الجرار لا يرده راد إذا لم يقف أحد بجانبه ويحل جل قضاياه.. وعسى أن يكون مؤتمرا الحوار المحلي والوطني خير منقذ.. والله المستعان. Salah [email protected] رابط المقال على الفيس بوك