ذات صباح غابر قامت الدنيا ولم تقعد لأن صورة الزعيم المصحوبة بمقولة ركيكة في ترويسة الصحيفة الحكومية في اليمن خرجت بشكل مهزوز. استدعي رئيس التحرير من قبل مكتب الزعيم واستدعى رئيس التحرير بدوره مخرجي الصحيفة ومشرفيها وأجري التحقيق... كان الزعيم ثائرا لأن صورته المهزوزة أعلاه ضمن الصحيفة المهزوزة بأخبار الزعيم، والمكرسة لمقولاته ولزياراته ومراسلاته وافتتاحياته ونوماته وصحواته وادعاءاته. كان الأمر جزءا من احتلال لكل المساحات الصغيرة والكبيرة حتى في المساحات الضيقة في الصحف الحكومية وفيما كان وضع الصحيفة يتدهور يوما عن يوم كان الزعيم لا يفكر إلا بصورته التي لم يعد الناس ينظرون إليها في أغلب الأوقات وأصبحوا يملون منها. في ذات صباح غابر آخر صادرت جهة أمنية مجلة في عددها الأول بسبب صورة الزعيم، وصورته هي الأصل في كل الوطن التي يغضب لها ويرضى لها. واستمرت صورة الزعيم في الطغيان على المشهد بطريقة غير جنونية وتصدر مشهد الحياة والجغرافيا، وفي مواجهة فورة الصورة قامت ثورة لإفساح الأماكن للصورة الحقيقية للشعب. وكان أشد ما أزعجه ليست التضحيات بل صورته الظاهرة التي أعاد الشعب صياغتها بشكلها الحقيقي، وصورته الباطنة ووضعها في حجمها الطبيعي الصغير. وفي موعد الخروج الكبير والمؤلم يواصل الزعيم لملمة صورته المشتتة المبعثرة التي كبرت حتى تشققت، فالزعيم ملتزم تجاه مجموعة من الأبناء والأحفاد والأتباع الذين يحتاجون للمزيد من التطمين ورفع المعنويات حتى يستطيع التكسب بهم كثيرا والحفاظ على صورته المزيفة وعلى مصالحها الواسعة المترامية الأطراف والمساحات والأزقة. يغضب الزعيم لصورته المهزوزة بخطأ غير مقصود بالتأكيد، من حقه وهو الحريص طوال الوقت على صورته الباهتة مقابل إهماله لصورة بلده وشعبه فلا يهزه ما يحدث هنا أو هناك من معاناة وصعوبات لهم. لقد كانت ذكرياتنا سيئة مع صورة الزعيم، والآن آن لنا أن نفرح أن من منجزات الثورة أنها خلصتنا من صورة الزعيم ومنحتنا صحفا نقرأها كل صباح بدون مقولة الزعيم وصورة الزعيم المهزوزة، وتكتفي بالاهتمام بما يفعل لا بشخصه. لا سقا الله أيام الزعيم ولا بلانا بصورته ! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك