ذات صباح غابر قامت الدنيا ولم تقعد لأن صورة الزعيم المصحوبة بمقولة ركيكة في ترويسة الصحيفة الحكومية في اليمن خرجت بشكل مهزوز. استدعي رئيس التحرير من قبل مكتب الزعيم واستدعى رئيس التحرير بدوره مخرجي الصحيفة ومشرفيها وأجري التحقيق.. كان الزعيم ثائرا لأن صورته المهزوزة أعلاه ضمن الصحيفة المهزوزة بأخبار الزعيم، والمكرسة لمقولاته ولزياراته ومراسلاته وافتتاحياته ونوماته وصحواته وادعاءاته.
كان الأمر جزءا من احتلال لكل المساحات الصغيرة والكبيرة حتى في المساحات الضيقة في الصحف الحكومية وفيما كان وضع الصحيفة يتدهور يوما عن يوم كان الزعيم لا يفكر إلا بصورته التي لم يعد الناس ينظرون إليها في أغلب الأوقات وأصبحوا يملون منها.
في ذات صباح غابر آخر صادرت جهة أمنية مجلة في عددها الأول بسبب صورة الزعيم، وصورته هي الأصل في كل الوطن التي يغضب لها ويرضى لها.
واستمرت صورة الزعيم في الطغيان على المشهد بطريقة جنونية وتصدر مشهد الحياة والجغرافيا، وفي مواجهة فورة الصورة قامت ثورة لإفساح الأماكن للصورة الحقيقية للشعب. وكان أشد ما أزعجه ليست التضحيات بل صورته الظاهرة التي أعاد الشعب صياغتها بشكلها الحقيقي، وصورته الباطنة ووضعها في حجمها الطبيعي الصغير.