يعتقد البعض إن الحديث عن شكل الدولة وشكل الحكومة أنهما شكلان جامدان ولايتغيران، وبالتالي ماهو موجود في بلد ما هو نفسه الموجود في بلد آخر، وهذا الاعتقاد ليس صحيحاً لأن المفكرين في النظم السياسية والدستورية، لم يحددوا شكلاً ثابتاً صالح لكل مكان وزمان مطلقاً، بل أنهم لم يتفقوا حتى على التعريف وكذلك على الأركان، فعلى سبيل المثال وليس الحصر في موضوع أركان النظم السياسية المعاصرة الثلاثة: النيابي والرئاسي، والجمعية الوطنية نجد المفكرين يذهبون مذاهب شتى فالبعض يتحدث عن أركان لهذه النظم والبعض يتحدث عن أسس هذه النظم وبعض آخر يتحدث عن خصائص ومميزات لهذه النظم، الأمر الذي يعني أن الأمور نسبية وليست مطلقة، ومن خلال دراسة تلك النظم السياسية المعاصرة ومتابعة تعريفها وأركانها وأسسها وخصائصها لدى المفكرين نجد أن هناك قواسم مشتركة في تلك العناصر المطروحة تمكن المهتمين بالنظم السياسية من التعرف على شكل الحكومات رئاسية أو نيابية أو جمعية وطنية، وقد أشرت إلى ذلك في مواضيع سابقة. ولئن كان الاختلاف قد برز في تعريف تلك النظم وأركانها فإن مرد ذلك يعود إلى اختلاف العوامل الجغرافية والبشرية التي تؤثر على شكل النظام أو شكل الدولة، وهنا تظهر الخصوصية التي نرى ضرورة الوقوف أمامها لإخضاع تعريف شكل الدولة وشكل الحكومة لها، لأن الخصوصية البشرية والجغرافية هي البلد الأكثر أهمية التي تجعل الاختيار يحقق الرضا والقبول أساس الشرعية السياسية للنظام السياسي وتمكنه من القدرة على البقاء والديمومة وتحقيق الانجازات والأهداف المرجوة. وقد لاحظت من خلال مجريات الحوار الوطني والتناولات المتعددة في وسائل الاعلام المختلفة أن هناك نفوراً من دراسة الواقع الذي يؤدي إلى المعرفة الموضوعية للخصائص السكانية والجغرافية التي تؤثر إيجاباً وسلباً في اختيار شكل الدولة وشكل الحكومة، ويحاول البعض تجاوز هذه الخصوصية ويعتمد على القوالب الجاهزة المجلوبة من خارج حدود البلاد ولايرى ضرورة الوقوف أمام الخصوصية للمكونات البشرية والجغرافية للدولة اليمنية، وهذا يعد محاولة للهروب من الواقع وعدم التعامل معه بحكمة وموضوعية لتحقق الاستقرار المنشود. إننا ونحن في مرحلة الحوار الوطني الشامل في أمس الحاجة للوقوف بجدية وموضوعية أمام الخصوصية اليمنية الجغرافية والسكانية لنتمكن من الوصول إلى الشكل الذي يحقق الرضا والقبول ويحقق الانجاز المطلوب من التنمية الشاملة، ولذلك فأني ارى ضرورة التأني والاستماع إلى كل الآراء والأفكار ومتابعة الاطروحات العلمية المبنية على دراسة الواقع والاستفادة من كل ما يطرح، بعيداً عن الادعاء بامتلاك الحقيقة من أجل أن يسهم الجميع في رسم ملامح المستقبل الأكثر تطوراً بإذن الله. رابط المقال على الفيس بوك