اليوم سيرحل شهر أبريل, موسم الكذب العالمي , لكن الكذب في اليمن لن يرحل . لقد استوطن. الكذب أصبح مهنة من لا مهنة له, وظيفة سهلة لا تحتاج إلى خبرات عملية, أو شهادات عليا, بل ثقافة عامة, وفي كثير من المواقع, أصبحت الأولوية للكذابين. نكذب في أبريل وفي مايو، في سبتمبر.. نكذب يوم السبت ويوم الجمعة, ويوم القيامة.. نكذب ونصدّق أنفسنا, ولو كانت هناك بطولة كأس العالم للكذابين, لفازت اليمن بسهولة. يكذب اليمنيون جميعاً على بعضهم, من رأس الهرم حتى أسفله. القائد يكذب على أفراده, والوزير على وزارته, والصحف على قرائها, والقراء على جلسائهم الأميين, والزوج على زوجته, والزوجة على أبنائها, والابن على ابن جارهم, وهكذا.. كذب ممنهج, ومتدرج. في السابق, كان الكذب محصوراً على «المقاوتة», الذين يكذبون على «الموالعة» بأن القات اليوم «عسل أو علاجات ومش بارحي», ويدعمون كذبهم ب «حرام وطلاق», واليوم لم يعد الكذب حصرياً عليهم, بل توسع, وأصاب كافة شرائح المجتمع , وخصوصاً الصحافة. تحول الفيسبوك, في اليمن, من موقع تواصل اجتماعي الى ميدان كبير يحوي حشداً من الكذابين.. تنتشر الكذبة بسرعة الصاروخ من حائط إلى آخر, وبعد منتصف الليل, تجد الكذاب «يُكارح» ويدافع بكل الطرق أن كذبته صحيحة. من يتابع الفيسبوك في المساء, يخيّل له أنه سيصبح واليمن قد أصبحت كالصريم.. الانفجارات تزداد بعد الحادية عشرة.. اطلاق الرصاص الكثيف منذ الواحدة فجراً, مستقبل البلد السياسي يبدأ منذ الواحدة والنصف. باسندوة اعتكف في صفحة كذاب, واعتزل السياسة في صفحة آخر, وطلب اللجوء السياسي في صفحة زعيم الكذابين, وغلق تلفونه في صفحة كذاب مستجد, وهكذا, وجميعهم يقولون: صرّح للجزيرة , تفتح الجزيرة ولا تجد في الشريط الاخباري أي اسم يبدأ ب «با» سواء لباسندوة, أو باكذابين. أجاز جمهور الفيسبوك الكذب لأنفسهم , وسنّوا لأنفسهم قانوناً يمنح الكذاب الناجح 5 كذبات إضافية, لكن المؤلم أن تتحول الصحافة إلى نسخة أخرى من الصفحة الرئيسية للفيسبوك. يا شهر أبريل, لا ترحل إلا وقد سحبت معك كل رعاياك من الكذابين في اليمن.. فقلوبنا لا تحتمل المزيد من الكذب المفضوح. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك