قد يبدو طرحي للبعض متناقضاً بعض الشيء مع ما تناولته مطلع هذا الأسبوع بشأن التفاؤل السائد في تواصل عملية الحوار الوطني وبين أشكال التحديات التي تقف حجر عثرة أمام هذا الأداء.. وأعني بذلك سلسلة الاستقالات من عضوية الحوار الوطني، لكنني و على الرغم من ذلك، فإنني لا أزال أتفاءل بإمكانية توصل الأطراف المعنية إلى عقد اتفاق يفضي إلى قيام الدولة اليمنية المنشودة وإن بصيغ مختلفة وجديدة تنفض عن كاهلها شمولية الحكم ومركزية القرار. أقول: على الرغم من ذلك، فإن ثمة ما ينبغي الإشارة إليه من حيث بروز أصابع تلعب في الخفاء لتقويض العملية السياسية برمتها، سواءً من حيث استمرار اتخاذ المواقف السلبية تجاه عملية الحوار «إما لأغراض سياسية أو لمآرب شخصية» أو كان ذلك بسبب إعادة بعض الأطراف الاقليمية أو الدولية حساباتها في إبقاء اليمن غير مستقر تبعاً لحسابات هذه الأطراف، حيث لا تتورع هذه القوى بدفع وتمويل إعادة رسم الخطوط التشطيرية لما قبل قيام الجمهورية اليمنية 1990م. وإزاء مثل هذه المواقف لا يسع المرء إلا أن يدعو الرئيس عبدربه منصور هادي الذي يمتلك القدرة في إعادة رسم الخارطة السياسية وكافة القوى الوطنية والخارجية الخيّرة المحبة لأمن واستقرار اليمن أن تواصل مساعيها الحثيثة لتفعيل مسيرة الحوار وتلبية المطالب الملحة التي يتذرع بها بعض الأطراف لتعطيل عملية التسوية، فضلاً عن ضرورة استكمال تنفيذ خطوات الإصلاح الشامل الذي تضمنته النقاط التي طرحتها اللجنة الفنية للحوار، حيث سيكون لهذه الخطوات فعل السحر في إزالة الشكوك التي لا تزال ماثلة لدى بعض الأطراف السياسية، سواءً المشاركة في هذه التسوية أو تلك التي لا تزال مترددة في هذا المعترك الحضاري. وعلى كل حال، فإن المسئولية لا تقتصر على الأطراف اليمنية فحسب وإنما تشمل الرعاة من الدول الاقليمية والأسرة الاممية ، حيث ضرورة إعطاء العملية السياسية في اليمن دفعة قوية وعدم الخضوع أو الارتهان لاشتراطات بعض الأطراف التي تحاول – جاهدة – تعطيل مسارات هذه التسوية.. وبالتالي إفشالها بأي صورة من الصور. ومن المؤكد أن عودة الروح لكل أشكال الدعم للعملية السياسية، سوف يضع حداً لتلك التأويلات التي ترددت في الآونة الأخيرة بشأن تصريحات المبعوث الأممي جمال بن عمر تجاه القضايا المركزية داخل منظومة الحوار الوطني.. وهي تصريحات أثارت اللغط دون أن تجد – على الأقل – من يفند مضامينها أو الرسائل التي تحملها في هذا الوقت الدقيق والحساس الذي تمر به التسوية السياسية. إن مسئولية الأممالمتحدة في هذا السياق لا يقلل من أهمية دور النخب السياسية اليمنية لتحمل مسئولياتها التاريخية والأخلاقية إزاء استحقاقات هذه التسوية والعمل بروح توافقية على إيجاد المخارج المشّرفة دون كلفة باهظة سيدفعها الوطن في حال تغلبت نوازع الإيثار على ما عداها من الحرص على المصالح الوطنية والتطلع للمستقبل الذي لا غنى عنه، شئنا أم أبينا. رابط المقال على الفيس بوك