على الرغم من الفعاليات النمطية خلال زيارته الأخيرة إلى صنعاء كان المبعوث الأممي جمال بن عمر يدلي بتصريحات باهتة تفتقر في كلياتها إلى التطمينات التي عهدها المتابع في الداخل اليمني أو الخارج لجهة ثبات الموقف الاممي إزاء التسوية السياسية القائمة في الوطن اليمني. ومما يزيد المشهد رتابة أن المبعوث الأممي في هذه الزيارة لم يطرح حلاً أو مقترحاً لمجمل تداعيات المشهد السياسي الراهن ، خاصة ما يرتبط تعلق بالتململ والانسحاب من داخل منظومة الحوار الوطني وهو أمر يمكن ملاحظة بالنظر إلى ما تحلى به جمال بن عمر خلال الفترة المنصرمة من مراحل تنفيذ المبادرة الاممية للتوفيق بين الأطراف وتشجيعها على الانخراط في الحوار، بل وتذليل كافة الصعاب التي تقف حجر عثرة أمام عملية التسوية السياسية المدعومة إقليمياً وأمُمياً. إن الحضور الباهت للمبعوث الاممي في الجولة هذه لا يقتصر – فقط – على تلك الانطباعات التي يمكن ملاحظاتها على أداء الرجل خلال هذه الزيارة ، لكن ايضاً يمكن تدوينها على تصريحاته التي واكبت اجتماعاته في الخارج لعدد من الرموز و القيادات الجنوبية التي لم تلتحق بالحوار ، فضلاً عن رصد ما يمكن أن يقال بأنها مواقف متراجعة – إن لم يكن أكثر من هذا – عن سياقات مواقفه السابقة المتمشية مع القرارات الاممية تجاه التسوية في اليمن. ولا بأس – هنا – أن يحمل المبعوث الاممي إلى اليمن ويطرح ما لديه من أفكار ومقترحات بهدف إثراء و تفعيل أداء منظومة الحوار الوطني ولما يفضي إلى مخرجات بناءة في إطار هذه التسوية ولكنه لم يفعل ذك راهنا باعتباره الشخصية المعنية بمتابعة التوافق الأممي إزاء الحل والتسوية. ومع أحقية المرء في طرح ما يراه من انتقاد لأداء المبعوث الاممي ، فإنه – بالمقابل لا يجوز التغاضي عن مسئولية الاطراف اليمنية في سلبية الاداء القائم لمنظومة الحوار ، خاصة لجهة تنصل بعض القيادات من التزام استمرار المشاركة في هذه العملية الوطنية وفي امتناع البعض الآخر الدخول في هذا المعترك الوطني منذ البداية ، حيث تتطلب المسئولية الوطنية تناسي المصالح الأنانية الضيقة والعمل بروح المسئولية الأخلاقية والوطنية من أجل انتشال اليمن من أسر هذه التحديات التي تكاد تعصف بوجوده ومكانته ، بل لعل الأمل الكبير مازال معقوداً على هذه القيادات الوطنية لاتخاذ الخطوات الجادة والفاعلة ، سواءً في تعزيز مسيرة الحوار من خلال تنفيذ النقاط العشرون التي اقترحتها اللجنة الفنية للحوار قبل فترة أو من خلال مسئولية الشخصيات اليمنية المتواجدة في الخارج للإسهام في طرح رؤاها ومقترحاتها بهدف دعم الحوار الوطني في الوصول إلى مخرجات آمنة تفضي في نهاية المطاف إلى إنجاز مسارات التسوية كاملة تمشياً مع المبادرة الخليجية وقراري مجلس الأمن 2014 – 2051 ذات الصلة بالتسوية السياسية في اليمن. وعلى الرغم من حالة التشاؤم القائمة هذه ، فإن المرء لا يمتلك إلا أن يتفاءل بأن الايام المقبلة حبلى بالمفاجآت لجهة إطلاق خطوات تطمينية إضافية تعيد الثقة إلى النفوس بأن وتيرة التسوية على حالها من التفاعل وبأن الأسرة الاقليمية والدولية لا تزالا على موقفهما المؤيد للحل السلمي على قاعدة المبادرة الخليجية .. وقبل هذا وذاك التزام وتمسك كل اليمنيين بمفردات هذه التسوية والانخراط فيها بفاعلية ودون تلكؤ او هروب. رابط المقال على الفيس بوك