الأسئلة الإضافية قد تحرمنا الجواب الأهم لحياتنا المرصودة بالوضوح والعجز البادي للعيان. لا ضير في نقاشٍ يتيح الفرصة للجميع في تناول إمكانية العيش تحت ظلال الأخذ والعطاء.. لا ضلال دويّ الأحكام الجاهزة والأحقاد واللجوء للبطش بكافة أنواعه. أما أن يُهدد شاعر وأديب بالقتل وتعليق رأسه بمدخل المدينة بسبب اقتراحه على طلابه قراءة رواية لروائي يمني فهذا هو الفعل الفاضح للهمّ التعيس لبلد المليون حيلة للهروب من مواجهة الواقع والعيش تحت ظلّ الاسترزاق العفن من جهاتٍ لا همّ لها سوى استعباد القطيع الأوسع من حلم .. والأجهل من علم بسيط بموبقات مايحدث لهذا الوطن المتمسّك بحبال العدائية لكل ماهو جميل. لم يتوقف الأمر عند تهديد الشاعر والأديب أحمد العرامي بقتله وتعليق رأسه بل تعدّى ذلك لفصله من الجامعة.. وهو الأكاديميّ المبدع الذي حفلَ المشهد الثقافي بالكثير من بهاء إبداعه ونتاجه الأنيق. حقيقة لأول مرة أعرف أن هناك جامعة اسمها جامعة البيضاء.. وهذا فتح عظيم .. لكنه للأسف الشديد اقترن بأكاديميين حدّوا شفرات تصفياتهم بوجه زميلهم، لأنه كما يبدو لم يكن على مستوى الإجابة المطلوبة لأسئلتهم الإضافية في رحلة وليمة القبيلة التي يسعون جاهدين لتجهيلها أكثر من جهلها .. لسبب وحيد هو أنّ معاشهم في جهلها لا علمها أو محاولة النهوض بها من أدران التلقين والتخلّف البائس. رُبّ ضارةٍ نافعة كما يقولون.. فرواية «حُرمة» المغضوب عليها في عقول أكاديميي تلك الجامعة.. تنتمي لروائي يمنيّ اسمه علي المقري.. وهو الأديب العالمي والروائيّ الذي عرفته المحافل العربية والعالمية أكثر من وطنه الأم والذي تنخر فيه حماقات المشايخ وأسئلتهم الضارة بكل شيءٍ ينتمي لجواب الحياة. إذن هي الفرصة الأجمل لإعادة قراءة نتاج المبدع المختلف الأستاذ علي المقري.. وذاك هو الجواب الشافي لأمراض الجهلة من دكاترة مشايخ «افتي لي وأنا أحميك» ولا عداء بيننا وبين القبيلة مطلقاً إلا في حال إمعانها في تقويض البناء المعرفي لصالح نخبة مزيفة تحتمي بدال العلم كنتيجةٍ بائسة لوضعٍ متهالك. العرامي وحده يدركُ أنّ توقّد ذهنه جلب عليه تكالب زملائه من مدرسي طلبة الجامعة.. وكان بإمكانه أن يمشي «جنب الحيطة» ويأخذ مستحقاته المالية دون أيّ إشكال طالما يُسبّح بحمد جغرافيا دال الانتماء. غير أن جديّة الأسئلة في نتاجه جعلت من رفاق جامعتهِ أجوبة متشنّجة قد يدفع ثمن حمقها إذا لم يصطفّ كل مثقفي البلد للدفاع عن المعرفة.. والوقوف بحزم من الجهات المعنيّة ضد الجهات التي عبثت بهذا الوطن لعقودٍ طويلة تحت يافطة العفّة والشرف المقرونين بالمعلوم من أموال أجندة الدجل والشعوذة الآتية من كل صوب لتعميق هوة الخلاف والأمراض شبه دائمة في بلدٍ يكتظّ بالمتناقضات ودعاوى الحسبة الراكضة في بلاط التجهيل. المشكلة كلها في عقول الأدعياء وليس جهل القبيلة وحسب.. ولولا نكاية زملاء العرامي به وشحن القبيلة ضده بالعزف على مواويل هتك الأعراف لما حدث ماحدث.. لكنها الحيلة الشنيعة حين تعصف بالكادر المثقف مجازاً تجعله عدواً علنياً للمثقف الحقيقي ووكيلاً اصطفائياً للنيل من كل محاولةٍ تغييرية نحو المعرفة في بلدٍ تنهشه المصالح وبؤر الفساد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك