عناوين الاحداث في واجهات التداول والقراءة الصحافية طيلة الاسبوعين الماضيين ساهمت في تخفيض منسوب التفاؤل في الشارع بعد ان سجل ارتفاعا ملحوظا في ابريل الماضي على خلفية قرارات رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة الخاصة بإعادة هيكلة القوات المسلحة وتقسيم الجغرافيا على سبع مناطق عسكرية (مسارح عمليات)وتعيين قاداتها، وقبل هذا وذاك ازاحة واجهتي الصراع عن موقعيهما الملتهبين بفعل الاستقطابات الحادة طيلة العامين الماضيين . فالإعلان عن سفر رئيس الوزراء(للعلاج) سُبق واسُتتبع ايضا بضخ اعلامي هائل وتكهنات وتسريبات حول تشكيل وزاري وشيك على رأس قائمة ضحاياه باسندوة وكثير من وزرائه من كتلتي التوافق السياسي، وان مشاورات مكثفة يجريها رئيس الجمهورية مع قيادات من المشترك وشركائه والمؤتمر وحلفائه وكذا مع ممثلي الدول الراعية للمبادرة، وان هذا السفر كان استباقا لقرار الاقالة الوشيك. استبقت صحيفة (اخبار اليوم) القريبة من علي محسن في عدد الثلاثاء الماضي ترؤس رئيس الجمهورية لجلسة الحكومة بغياب رئيسها بخبر عن خلافات حادة بين الاثنين قد تمهد لإقالة وشيكة، الامر الذي استدعى مكتب رئيس الوزراء اصدار بيان شديد في اليوم نفسه اتهم فيه الصحيفة بالابتزاز! وفي مساء ذات اليوم ظهر باسندوة في لحظة بروتوكولية رسمية مع رئيس وزراء الاردن عبد الله النسور في تأكيد لحضوره السياسي!! قبلها بيوم واحد كان المستشار الاعلامي لرئيس الوزراء راجح بادي ينفي اعتزال باسندوة للعمل السياسي مبررا سفره للخارج برحلة علاج وزيارة اسرية (اقتسمتا اسبوعي الغياب المفترض) . النفي هذا صب في الاتجاه المنطقي لمستحكمات مسار العملية السياسية الذي اقتضى تشكيل هذه الحكومة وفق المبادرة وآليتها التنفيذية، وهو الذي جعل رد مكتب رئيس الوزراء قويا على صحيفة محسوبة على المطبخ القريب لتأكيد بقائه. اعود فأقول: ما استدبرته هذه الحكومة اكثر مما ستستقبله من ايامها الافتراضية المتبقية ب (تسعة اشهر وايام قلائل) وهي المدة التي لن تغري اكبر المغامرين السياسيين لتأليف حكومة حكماء !دون ان تحرق كرته وقيد الفظاعات اليومية القاتلة. الرغبة الجامحة (التي تتركب الشارع و تتلبسه وتلتبس به ايضا ) في رؤية حكومة قوية قادرة على الحفاظ على القدر الادنى من وسائل وسبل عيشه اليومي وامنه (التقليل من الاعتداءات المتكررة على خدمة الكهرباء وتصليب الميعان والرخاوة الامنية) غير التي تدير شئونه الآن تصطدم بمحاذير اللعبة الاقليمية والدولية المنتجة للحظة التوافق التي تعبِر عنها هذه الحكومة. التجهير لتفاصيل اللحظة بممهداتها يكشف ان الانقسامات الحادة والاستقطابات المعبرة عن نفسها عموديا وافقيا بدءا من الاصطفاف للانتخابات الرئاسية في العام 2006 ووصولها الى الذروة في مارس 2011 جعلت المجتمع بكل أثقاله ومشاكله البنيوية يذهب الى ازمة عميقة حاول الخروج منها بالتسوية السياسية المنتجة لمثل هكذا حكومة . وان عدم الالتفات للخلف قليلا والاعتقاد بوجود الحل امامنا بتفاؤل مفرط سيكون فخا اكثر ايلاما حينما نكتشف ان الازمة التي ذهبنا اليها بمسميات كثيرة بمحض ارادتنا ، ستأتي هذه المرة الينا كقدر خرافي يصعب الفكاك منه، والذي قاله رئيس الجمهورية لأعضاء الحكومة في اجتماع الثلاثاء من انهيار وشيك للبلاد والاقتصاد والامن لا ينبغي ان يمر كريما على مقاولي التفاؤل . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك