ابتليت المرأة في العصور الاسلامية بفقهاء لا يعرفون من الفقه إلا تطبيق (النصوص) بحذافيرها ولو أدى هذا التطبيق إلى فقدان روح النص أو المقصد الذي من أجله جاء النص ! فللمرأة - في نظرهم - خرجتان واحدة من بيت أهلها إلى بيت زوجها والأخرى من بيت زوجها للقبر ! وكيف لا ؟ والمرأة - في نظرهم- كتلة من العورة من رأسها إلى أخمص قدميها ، وليتهم فرّقوا بين العورة والسوءة ؟! فقهاء فهموا من النصوص أن المرأة ناقصة عقل ودين وميراث دون وضع النص - سواء القرآن أو الحديث - في سياقه ، بل عمموا في ظل فقه (ذكوري) لا ينتصر إلا لجنسه تحت معيار (القوامة) حتى في الفقه ، فاحتاجت المرأة إلى (تحرير) ولكن ليس من الإسلام بل من أفهام الفقهاء الجامدين الذين تخصصوا في فقه (دورات المياه) ! واسمعوا معي إلى الأمام الغزالي وهو يقول “على المرأة أن تكون قاعدة في قعر بيتها لازمة لمغزلها، لا يكثر صعودها، قليلة الكلام لجيرانها...” وفي كتابه “المستصفى في أصول الفقه” ليس فيه مبحث خاص للمرأة إلاّ أسطر قليلة في مبحث يتداوله بعض الأصوليين وهو: “دخول النساء تحت حكم المضاف إلى الناس”! ومن الفقهاء منْ قد تكون المرأة عنده بمنزلة المجنون! فابن قدامة في المغني عند حديثه عن إمامة الرجال في الصلاة يشبّه المرأة بالمجنون فيقول: “ ولنا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: “لا تؤمّ امرأة رجلاً”، ولأنها لا تؤذن للرجال؛ فلم يجز أن تؤمهم كالمجنون!!.”. وحتى لا نظلم كل الفقهاء فهناك المدافعون عن سماحة الفقه الاسلامي مع المرأة قبل أن يكونوا مدافعين عن المرأة أصلاً ، فضد الفهم القاصر لحديث النبي - صلى الله عليه وسلم: “ما رأيت ناقصات عقل ودين منكن...”. أنبرى الإمام أبو محمد بن حزم معلقاً على هذا الحديث: «إن حملت هذا الحديث على ظاهره فيلزمك أن تقول: إنك أتم عقلاً وديناً من مريم وأم موسى وأم إسحاق، ومن عائشة وفاطمة، فإن تمادى على ذلك سقط الكلام معه، ولم يبعد عن الكفر، وإن قال: لا، سقط اعتراضه واعترف أن من الرجال من هو أنقص ديناً وعقلاً من كثير من النساء. فإن سأل عن معنى هذا الحديث قيل له: قد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وجه ذلك النقص، وهو كون شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، وكونها إذا حاضت لا تصلي ولا تصوم. وليس هذا بموجب نقصان الفضل ولا نقصان الدين والعقل في غير هذين الوجهين فقط؛ إذ بالضرورة ندري أن في النساء من هن أفضل من كثير من الرجال، وأتم ديناً وعقلاً”. وفي عصرنا الحديث كتب الاستاذ/ عبد الحليم أبو شقة موسوعته (تحرير المرأة في عصر الرسالة) في ستة أجزاء ، وهو مشروع نذر له عمره، وكتبه في عشرين سنة، قال عنه الشيخ الغزالي “وددت لو أن هذا الكتاب ظهر من عدة قرون، وعرض قضية المرأة في المجتمع الإسلامي على هذا النحو الراشد، ذلك أن المسلمين انحرفوا عن تعاليم دينهم في معاملة النساء وشاعت بينهم روايات مظلمة وأحاديث إما موضوعة أو قريبة من الوضع انتهت بالمرأة المسلمة إلى الجهل الطامس والغفلة البعيدة عن الدين والدنيا معاً”. و تلك الموسوعة عبارة عن دراسة شاملة عن المرأة جامعة لنصوص القرآن الكريم وكتب السنة الصحاح، يعرض مؤلفها احوال المرأة المسلمة في عصر الرسالة الاول بما لا يقبله فقهاء العصور اللاحقة لما فيها - أي الموسوعة - من أخبار (منفتحة) لا تناسب (مزاجهم) الفقهي… رابط المقال على الفيس بوك