استشهد صباح الأربعاء 8 مايو 2013م ثلاثة من خيرة الطيارين العسكريين في سلاح الجو اليمني وهم/ العقيد طيار ناصر محمد عبدالله مقبل والعقيد طيار محسن أبو بكر البغدادي والعقيد طيار طلال أحمد صالح شهاب إثر قيام مسلحين يستقلان دراجة نارية بمهاجمتهم في الطريق الرئيسي غرب مدينة الحوطة أثناء توجههم إلى مقر عملهم بقاعدة العند الجوية بسيارتهما المدنية وبهيئتهم المدنية .. ليلحقوا بقافلة كبيرة من الشهداء الذين اغتالهم تنظيم القاعدة في اليمن بطرق مختلفة ، ويكاد معظمهم بنفس الطريقة التي اغتيل بها طيارو قاعدة العند الجوية وبنفس أداة الموت (الدراجات النارية ) التي أصبح يستخدمها تنظيم القاعدة في اليمن بصورة علنية ومتاحة له كأفضل وسيلة يمكن استخدامها لتنفيذ الاغتيالات في اليمن ، والتي بدأت تجاربها في محافظة أبين وحضرموت ومارب والبيضاء ولحج وعدن ، كتجربة مستنسخة من افقانستان لتصبح وسيلة يعتمد عليها التنظيم ليس فقط لارتكاب جرائمه الإرهابية واغتيالات الضباط والعسكريين والأمنيين – بل لأعمال كثيرة مرتبطة بنشاط وجرائم العناصر الإرهابية كالاختطافات والسطو على الأموال ومهام الاتصالات والمراقبة والترصد والتتبع وغيرها ، وذلك لما توفره من مزايا وعوامل من وجهة نظر التنظيم تمكنه من الاعتماد عليها للاستفادة منها للقيام بدور لا يقل عن دور السلاح الذي تنطلق منه رصاصات الموت فهي توفر الصرفيات والقدرة على السرعة والسير في الطرقات الضيقة والأزقة والطرقات الوعرة وسرعة الهروب والاختفاء بعد تنفيذ جرائم الاغتيالات باتجاهات وطرق يصعب تعقبها وملاحقتها لسهولة إخفائها في المزارع والأحراش ، وأماكن يصعب الوصول إليها بالسيارات ، أما العامل الآخر والاهم يُكمن في صعوبة اكتشافها في حال امتلاكها بصورة غير قانونية لوضع عليها إي لوحة (رقم مؤقت) ثم نزعه وإلصاقه بأخرى دون التركيز عليها بسبب عدم وضع آليات دقيقة تُمكن الجهات الأمنية من ضبطها وهو ما ثُبت استحالة تحقيقه في بلدنا اليمن ، حيث يشير تقرير للداخلية اليمنية، نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية “سبأ” “ أن ما يزيد على 95 % من جرائم القتل والشروع بالقتل العام الماضي 2012م كانت الدراجات النارية طرفاً فيها ذات طابع إرهابي” و«إن الدراجات النارية استُخدمت العام الماضي في قتل 40 ضابطاً وفرداً من منتسبي المؤسسة الأمنية والعسكرية، بينهم عراقي برتبة لواء يعمل مستشاراً بوزارة الدفاع، في عمليات إرهابية». و«أن تلك عمليات القتل شملت 4 مدنيين أحدهم مواطن أمريكي تم اغتياله بمحافظة تعز، فيما تسببت في إصابة 21 آخرين من العسكريين و9 مواطنين» . ما توفره هذه الوسيلة من خصائص ومزايا وعوامل لصناعة الموت والعبث بالاستقرار الأمني الذي يصب في اتجاه أهداف القاعدة لإثارة أعمال العنف في المجتمع بارتكابها الجرم والعدوان وقتل الأبرياء ولتنفيذ مخططاتها الإرهابية ، جعل تنظيم القاعدة يعتمد عليها كإحدى الوسائل الأساسية في مختلف أنشطته ، شانها شان السلاح المستخدم لتصبح بذلك احد عناصر الجريمة السهل توفرها دون عناء خصوصاً بعد إن تعمد التنظيم من جهته في الفترات السابقة بصورة مباشرة او غير مباشرة على إدخال اعداد كبيرة منها في بعض المحافظات لتصبح وسيلة كسب الرزق والقوت لبعض الشباب والعاطلين عن العمل وبأسعار مناسبة شجعت المواطن استخدامها للمواصلات .. إذا نظرنا إلى محافظتي البيضاءوأبين نجد هذه الوسيلة لم تنتشر إلا في الأعوام الخمسة الماضية ففي أبين لم تكن وسيلة مواصلات منتشرة الا بعد عام 2007م ، وكل ذلك حدث برضى وتقاعس السلطات وأجهزتها الأمنية سابقاً والسماح بدخولها عبر المنافذ الحدودية والبحرية ، في ظل فشلها في اتخاذ إجراءات وقائية واحترازية صارمة تضبط استخدامها وتحد من توظيفها كوسيلة او أداة لارتكاب الجريمة او إقلاق السكينة العامة ، وإثارة الرعب في الطرقات لتهدد امن وسلامة حركة المركبات والسير في الطرقات بعد إن صار يمثل مرورها كشبح الموت المتنقل بسرعة وسهولة بين المركبات في الطرقات وحين ننظر الى الإحصائيات الصادرة عن وزارة الداخلية التي تشير الى «مصرع 134 شخصاً من مستخدمي الدراجات النارية في حوادث سير وقعت في عدد من محافظات الجمهورية خلال الربع الأول من العام الجاري 2013م ، وإصابة 1014 آخرين بإصابات مختلفة في تلك الحوادث ، ووقوع 753 حادثة سير كانت الدراجات النارية طرفاً فيها »، فإن هذا الرقم يثير المخاوف ويؤكد إن وجود هذه الوسيلة أصبح مصدر يقلق المجتمع وقضية خطرة ينبغي الوقوف أمامها والتعاطي معها بروح المسئولية المجتمعية والأمنية والتي تتطلب التضحيات والعمل بجدية لمعالجتها بصورة أولاً تحد من استمرارها كأداة نوعية يستخدمه الإرهابيون في قتل أرواح الأبرياء ووسيلة تؤدي دوراً فاعلاً لاستمرار وتعزيز أنشطتهم وحركة التنظيمات الإرهابية ، وثانياً ان تتم المعالجات وفق إجراءات تمنع وتقلل الضرر المعيشي لمن يعتمدون عليها كوسيلة للقوت الأُسري من خلال إيجاد خيارات أخرى آمنه لطلب الرزق والعيش ، وفي ضوء تنفيذ سياسة ضامنة للوصول للنتائج الايجابية وتقليص وجود هذه الوسيلة الذي شكل انتشارها والتعامل معها مصدر خطر على المجتمع وعاملاً مساعداً لتعزيز بقاء وتواجد تنظيم القاعدة في بلادنا وثالثاً ان تسارع الحكومة اليمنية ومؤسساتها ومصالحها وأجهزتها الأمنية بانتهاج تلك السياسة على أسس سليمة تبدأ بتجريم الاستيراد ومنعه وإغلاق ورش الصيانة تدريجياً مع توفير فرص عمل لأصحابها وتوعية المجتمع وتشجيعه بعدم استخدامها وتوفير البدائل المشجعة مثل القروض والمشاريع الصغيرة المُدرة للدخل الأُسري بهدف دفع الشباب لتفضيل عدم استخدام هذه الوسيلة . قد يعتب عليّ البعض ممن يعتمدون عليها كوسائل للقوت ، لكن الضرورات لها أحكامها بالنظر لما تشكّله هذه الوسيلة من خطر يفتك بحياة المجتمع أكثر من أن تفيد أبناءه ، ليفرض على المجتمع ، شباب عاطل عن العمل ، ومهندسين أو غيرهم التضحية من منطلق ما تمليه علينا ضمائرنا لتحقيق المصلحة العليا للوطن ومقتضيات الأمن والاستقرار للمجتمع وسلامة أفراده وتجفيف منابع وعوامل الإرهاب وانتشاره في بلادنا .. وخير تجربة ناجحة تؤكد ما ذهبنا إليه عندما منعت حركة الدراجات النارية إثناء إقامة المباريات الرياضية لفعاليات خليجي ( 20) عام 2010م في بلادنا ، حينها لم ترتكب إي جريمة او حادثة بسبب استخدام الدراجات النارية التي كانت نسبة ارتكابها بمعدل 1 - 2 جريمة خلال الشهر في عدن ولحج وأبين في تلك الفترة ، وبالمثل مؤخراً لقيت خطوة منع استخدام الدراجات النارية في صنعاء خلال شهر مارس عند تدشين انطلاق فعاليات مؤتمر الحوار الوطني الشامل قبولاً شعبياً وحققت نتائج ايجابية في تناقص الجرائم والحوادث المرورية .. فدراجات القوت والرزق تحولت اليوم في بلادنا إلى دراجات الموت والرعب وأنتجت وضعاً وواقعاً مشجعاً لارتكاب الجريمة وانتشار الإرهاب ، وهو ما يتطلب من الجميع مجتمعاً وسلطة الاستيقاظ من سباتهم والشروع بوضع إجراءات سريعة وصارمة لإنهاء وتقويض هذا الخطر البيّن ، وان كانت مؤلمه من وجهة نظر بعض الشرائح التي تعتبرها مصدر رزق وقوت .. لكنها ستشكّل الضربة القاضية للتنظيمات الإرهابية .. والخطوة الحاسمة المنتظرة سيشجعها المجتمع لوقايته من أشباح الموت (الدراجات النارية ) [email protected]