من أبشع نتائج الفساد الذي تغلغل في كل مسامات هذا الوطن، إنه ضرب الوطن في دماغه وعموده الفقري وفي ضميره مخرباً الحاضر والمستقبل قالباً الحق باطلاً والباطل حقاً رأساً على عقب ولم تعد تعرف أين الحق من الباطل وأين الظلم من الإنصاف كل شيء اختلط بالفساد والغش وأصبح جزءاً من بناء الوطن وثقافة الناس، بداية بالتعليم الذي هو أساس نهضة الأوطان وأصبح إصلاحه يحتاج إلى معجزة حقيقية.... لم يعد أمامنا ظواهر دمار وفساد بل أصبحت المشكلة في تحول مظاهر الفساد وظواهره الى قيمة اجتماعية وحق يدافع عنه الآباء والأمهات ويحارب عنه الأبناء لنأخذ الغش في الامتحانات نموذجاً يدمي القلب ، فالأستاذ الذي لا يقبل اخذ رشوة ليغش هو شخص مريض وحاقد ومعقد ومعتدٍ على حقوق الطلاب ، ولأنه يرفض جريمة مزدوجة الرشوة والغش فهو غبي بل و شخص معقد وخبيث لا يرحم و لا يخاف الله كمان .. الآن ونحن على أبواب الامتحانات نعرف أنه من يحارب الغش من المراقبين يعد رجلاً مغامراً وغريباً ربما يسوق نفسه الى التهلكة والضرب والاعتداء. كم نحتاج لتغيير هذا السلوك والثقافة وكم هو الجرم الذي صنعه النظام السابق الذي ما زال البعض يبكي عليه كنتيجة لهذه اللوثة التي لحقت الضمير الوطني. وزير التربية صرح قبل يومين أن 49 طالباً من المتقدمين للشهادة الثانوية يحملون شهادات مزورة طبعاً هذا الذي كشف وما خفي كان أعظم... لم يهز هذا الخبر وجدان المجتمع ، وستجد الجميع يعتبر الرقم قليلاً جداً لايستحق مجرد خبر، ذلك أن التزوير يكاد يكون حقاً مكتسباً وليس جريمة تهز الناس وتنذر بكارثة للتعليم قاعدة بناء الاجيال، لو أن شهادة واحدة اكتشف أنها مزورة في الثمانينيات قبل مجيء نظام المنجزات، لقامت الدنيا ولم تقعد ولو اكتشف تسريب أسئلة لرأينا الحكومة والبلاد تنقلب رأساً على عقب وكأن هجوماً معادياً قد تم على البلاد ..كان الناس ما زالوا يتعاملون مع قواعد البقاء والكرامة وحماية الأوطان كما هي ويرتجفون من أعماقهم عندما يعلمون بكوارث التزوير والغش لأنهم يدركون آثارها المدمرة على فلذات أكبادهم ووطنهم وأنه ليس سوى ذبح لمستقبل الاجيال من الوريد الى الوريد هذا الذبح أصبح واجباً وحقاً يشارك فيه المعلم والمدير والفراش والطالب والآباء والامهات بحماس منقطع النظير كثقافة رسخت من قبل الوالي ومنظومة كاملة للحكم التي ما زالت تحارب للاستمرار في صناعة الكوارث. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك