بدون مقدمات ، يمكن تلخيص مفاتيح الحل والتسوية في اليمن في ثلاث مقدمات أساسية تقود إلى نتيجة واحدة : تبدو في طليعة تلك المقدمات قبول اليمنيين بالحوار كمدخل أساس لمعالجة مختلف قضاياهم – والمستعصية منها تحديداً – بهدف وضع آليات للخروج منها برؤى وحلول ممكنة وتوافقية . أما ثاني تلك المقدمات ، فهي قبول أطراف الحوار بأن يكون مفتاح حل المشكلة اليمنية المعاصرة يكمن في إيجاد معالجات جذرية وشاملة للقضية الجنوبية ، يرتضيها أبناء الشعب اليمني وفي مقدمتهم أبناء المحافظات الجنوبية وذلك من خلال رفع المظالم وإعادة الحقوق لمستحقيها دون تسويف أو مماطلة او تأخير . وترتبط ثالث مقدمات مفتاح الحل والتسوية للقضية اليمنية بصورة عامة بأن تكون منظومة متكاملة من الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الشاملة في إطار الدولة المدنية وإقامة الحكم الرشيد مع ما يقتضي ذلك من ضرورة إعادة صياغة مضمون جديد للدولة المركزية ، وذلك بأخذ الخيارات الممكنة لمقومات هذه الدولة الجديدة كنظام الأقاليم ودون تفريط بالوحدة كمكون جامع وضامن لعدم انزلاق اليمنيين إلى الاحتراب في حال إنحاز البعض إلى خيارات مشاريع الانفصال .
لقد توفرت لليمنيين فرصة تاريخية لم تتوفر لغيرهم من حيث التوافق الأممي على رعاية التسوية وهو ما يفترض على القوى السياسية في الساحة الوطنية أن تتمسك بتلابيب هذه الفرصة وعدم التفريط بها أو إضاعتها ، وذلك بالعمل الجاد والمتواصل في أطار مؤسسة الحوار الوطني الذي يسجل تطوراً ايجابياً ملحوظاً ويتمثل ذلك في أداء مجمل فرُق العمل التسع المنبثقة عن مؤتمر الحوار الوطنيي الشامل . إن النتائج التي ستخرج بها هذه العملية الحضارية ، ستنعكس - بالتأكيد – على بناء الدولة العصرية التي يسود فيها النظام والقانون وتعّبر عن تطلعات كل أبناء الوطن دون استثناء . وفي هذا الاطار يتوجب ألاّ ننسى الدعم السخي الذي تحظى به هذه التجربة اليمنية المتفردة من دول الاقليم والمجتمع الدولي وتحديداً دعم مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة والمساهمة في تجفيف منابع الاختلالات الهيكلية في بنية الدولة والفساد والإرهاب ومعالجة المشكلات الأمنية وتوسيع الشراكة مع اليمن الجديد ، باعتباره بلداً يقدم انموذجاً حضارياً يحتذى ، خاصة وهو يغادر مربعات العنف والاحتراب إلى فضاءات الاستقرار والسلام والبناء. رابط المقال على الفيس بوك