لا أدري هل سأفرح بهذا اليوم العظيم لأنه عيد أعياد الوطن .. ! أم لأنه جاء متزامناً مع تراتيل فضيلة الحوار الذي كان ومايزال وسيبقى هو اللغة الأسمى بين بني الإنسانية جمعاء . هذا اليوم يتطلّب منّا الكثير كيمنيين آمنوا بالوحدة بين الشمال والجنوب تترفّع على كل الأحقاد والأوجاع .. وتمضي بالوطن نحو وجود متكامل للجميع دون انتقاص حقّ أو مغالاة طرفٍ ضدّ آخر . هذا اليوم تنبني عليه ثقافة ماضٍ وحاضر ومستقبل بعيداً عن الركض في تأليه الأشخاص وتقديم مصالح الشعب خدمة دنيئة لأيّ عابثٍ يُذكي دمار اليمن . على المثقف اليوم أن ينحاز للوطن لا للأشخاص .. ولحقوق المواطن المُرهق لا للنخبة المتفيّدة من نعيم الوحدة لمصالحها الشخصية .. ولليمن كثقافةٍ أولى وأخيرة تتناقل أمجادها الأجيال وفق معايير المساواة والعدالة والتنمية العامة بمختلف المجالات . على المثقف اليمني أن يدرك حجم المؤامرات الداخلية والخارجية لإجهاض الوحدة .. ويعمل على توعية المجتمع بالانتصار للوحدة لا هزيمتها بأبنائها . ولا يعني ذلك أن ينجرّ المثقف لمعسكر الوحدة وفق نخبوية معينة تدهس كرامة المواطن الذي تم سلب أرضه وانتُهك عرضه باسم الوحدة .. إذ لا وحدة حقيقية إن لم تقم على التوعية السليمة لمخرجاتها وأهدافها العظيمة .. ومدى نبل مقاصدها التي لم تكن يوماً في حقيقتها محط هبر وعدوانية وتنكيل . على المثقف اليوم أن يؤثث فجوة أوجاع الوحدة بسلامة الحوار وسلاسته الرامية لوفاقٍ عادل لا ينتقص من كرامة منطقة لحساب منطقة أخرى .. بل عليه أن يتجاوز كافة العُقد النفسية والمناطقية والمذهبية والطائفية والفئوية وقبل ذلك الإطار الحزبي الضيّق .. ويمضي باتجاه تحقيق روح الوحدة وفقاً لمعيار الحق .. والحق فقط . مرة أخرى مدرسة اللغات :- فاجأتنا بالأمس الثلاثاء مدرسة اللغات بأمانة العاصمة باحتفالٍ وحدويّ بهيج تحت شعار “ حوار بحجم وطن “ أدهشتنا فيه الطالبات والطلاب بأدائهم الأنيق وانسيابية فقرات الحفل الذي جمع بين أصالة هذا الوطن وحداثته ومواكبته للمتغيرات وحرصه على نجاح الحوار الوطني الذي تُعلّق عليه آمال هذا الشعب المتحفّز للمستقبل المشرق . وما أجمل غرس هذا الشعور الوحدويّ الفيّاض في نفوس أبنائنا وبناتنا وهم يشكلون لوحةً واحدة من مختلف محافظات الجمهورية .. يرسمون بتعبيراتهم ووجدانهم وأصواتهم حقيقة الوحدة الراسخة في القلوب مهما اعترتها الأوجاع والعقبات . كان حضور السياسيين والتربويين والإعلاميين والأهالي في احتفال الأمس وانصهار الجميع في بوتقة الوحدة وحلم أطفالنا بالغد البهيّ .. دلالة عميقة على أنّ هذا الوطن يحتضن من دفء المحبة مالا يمتلكه شعب آخر .. ويتدفق عطاءً بشرياً وحلماً جمعياً يفوق وصف الواصفين .. فكانت الفرحة وماتزال بتحقيق نبل هذا اليوم العظيم . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك