في خضم التحولات الوطنية الكبيرة، يحتفل الشعب اليمني بالعيد ال 23 للجمهورية اليمنية، لعل أبرز هذه التحولات والمتغيرات تلك الجهود الوطنية والإقليمية والدولية الجادة والفاعلة لإخراج اليمن من أسر تحديات الأزمة التي عصفت بالوطن منذ نحو عامين، وكادت أن تأتي على مقومات الدولة والمجتمع في آنٍ واحد، وجرهما إلى هوة سحيقة من الاقتتال والتناحر. ويمكن هنا رصد أبرز هذه التحولات: ما يعتمل داخل مؤسسة الحوار الوطني الشامل من أداء مشبع بالديناميكية والمسئولية، والذي يعلق عليه اليمنيون جميعاً آمالاً كبيرة في إنجاز المشروع الوطني القائم على مفاهيم واقعية وحديثة للدولة المدنية المنشودة التي تتيح متسعاً من مشاركة المجتمعات المحلية في إدارة شئونها الداخلية باستقلالية كاملة وعلى نحو يعمق المفهوم الوطني للدولة الضامنة للحقوق العادلة والمتساوية بين المواطنين جميعاً دون استثناء أو تمييز. ولا شك بأن الواقعية السياسية التي يقودها الأخ عبد ربه منصور هادي - رئيس الجمهورية - في إطار منظومة الحل والتسوية لا تخلو من صعوبات وإشكالات قائمة تستمد بروزها تارة من إرث نظام الاستبداد والفردية الذي لا يمكن أن يعود وتارة أخرى من أوهام بعض الأطراف لإعادة إنتاج منظومة التشطير التي لا تستقيم – بأي حال من الأحوال – مع الإجماع الوطني والتأييد الأممي غير المسبوق في صياغة نظام سياسي جديد يكون بمثابة مظلة آمنة لكل اليمنيين وعامل أمن واستقرار لهذه المنطقة الحيوية من العالم. إن أية محاولة لإعادة إنتاج الماضي، سواءً بنزعاتهِ التسلطية والفردية أو بنوازعهِ الجهوية والتشطيرية سوف تؤول بالفشل الذريع، وسيبقى حُلم اليمنيين متّقداً بجذوة التطلع إلى مستقبل اليمن الواحد الديمقراطي المتطور، على الرغم من كل تلك المنغصات والمظالم التي لحقت بأبناء الوطن في كل اتجاه، خاصة في المحافظات الجنوبية التي نالت قسطاً وافراً من الحيف والظلم والاستحواذ والإقصاء. ومما يعزز التفاؤل بإمكانية تجاوز مجمل تلك التداعيات المؤلمة هذه الخطوات والإجراءات بالغة الدلالة التي اتخذتها القيادة السياسية بزعامة الأخ الرئيس عبد ربه منصور هادي، وذلك على صعيد إعادة هيكلة الجيش والمؤسسة الأمنية، فضلاً عن تصحيح أخطاء رواسب الماضي وفي طليعتها معالجة وعودة المسرّحين والمبعدين من وظائفهم في القطاعين العسكري والمدني من أبناء المحافظات الجنوبية، ومعالجة قضايا الأراضي والممتلكات التي تم الاستحواذ عليها إثر حرب صيف 1994م، وجبر الضرر عن تداعيات المشهد المأساوي لرواسب الماضي، وبما يضمن ولادة جديدة لليمن السعيد. إن الاستحقاقات الوطنية التي تتعزز يوماً إثر آخر تدعونا – رغم كل تلك التحديات – إلى التفاؤل بغلبة الإجماع الوطني والتأييد الأممي لدعم استقرار ووحدة وتطور اليمن على تلك المشاريع الصغيرة الهادفة إلى تقزيم وتمزيق هذه الألفة الأخوية جغرافياً وإنساناً.. وبالتالي ترسيخ ثوابت الدولة اليمنية الواحدة القائمة على الشراكة المجتمعية والقادرة على ترجمة تطلعات أبناء الوطن في الانعتاق من رواسب الماضي وصياغة عقد اجتماعي جديد تحت راية الوحدة التي ستظل خفاقة في سماء الوطن ونبضاً دافقاً لا يتوقف مهما كانت جسامة التحديات. رابط المقال على الفيس بوك