تقرير... مخطط الحرب واحتلال الجنوب سبق إعلان الوحدة    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على نيو إنجلاند برباعية في الدوري الأمريكي    بايرن ميونيخ يسعى للتعاقد مع كايل ووكر    الدوري الانكليزي الممتاز: ارسنال يطيح بتوتنهام ويعزز صدارته    العلامة الشيخ "الزنداني".. رائد الإعجاز وشيخ اليمن والإيمان    اشتراكي الضالع ينعي رحيل المناضل محمد سعيد الجماعي مميز    العليمي يؤكد دعم جهود السعودية والمبعوث الأممي لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن    الشبكة اليمنية تدين استمرار استهداف المليشيا للمدنيين في تعز وتدعو لردعها وإدانة جرائمها    التعاون الدولي والنمو والطاقة.. انطلاق فعاليات منتدى دافوس في السعودية    على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. جرف وهدم عشرات المنازل في صنعاء    الفنانة اليمنية ''بلقيس فتحي'' تخطف الأضواء بإطلالة جذابة خلال حفل زفاف (فيديو)    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    بالصور.. محمد صلاح ينفجر في وجه كلوب    18 محافظة على موعد مع الأمطار خلال الساعات القادمة.. وتحذيرات مهمة للأرصاد والإنذار المبكر    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    وفاة فنان عربي شهير.. رحل بطل ''أسد الجزيرة''    خطر يتهدد مستقبل اليمن: تصاعد «مخيف» لمؤشرات الأطفال خارج المدرسة    اسباب اعتقال ميليشيا الحوثي للناشط "العراسي" وصلتهم باتفاقية سرية للتبادل التجاري مع إسرائيل    أسعار صرف العملات الأجنبية أمام الريال اليمني    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    اعتراف أمريكي جريء يفضح المسرحية: هذا ما يجري بيننا وبين الحوثيين!!    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف ترى الأطراف المشاركة في مؤتمر الحوار جذور قضية صعدة؟
نشر في المصدر يوم 29 - 04 - 2013

قدم التجمع اليمني للإصلاح والمؤتمر الشعبي العام وحزبي الاشتراكي اليمني والوحدوي الناصري، وحزب الرشاد، وممثلي الحوثي والحراك الجنوبي اليوم الاثنين رؤيتهم لجذور قضية صعدة وذلك أمام فريق صعدة في مؤتمر الحوار الوطني.

المصدر أونلاين ينشر نص الرؤى المقدمة:

رؤية التجمع اليمني للإصلاح لجذور قضية صعدة
نص الرؤية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي اله صحبه اجمعين وبعد::

تشكل ما اصطلح على تسميتها بقضية صعدة مأساة متعددة الجوانب في الضمير الوطني اليمني بسبب المعاناة الإنسانية التي تسببت بها لأهالي محافظة صعدة والمحافظات المجاورة لها وبسبب حالة الاحتقان الساسي الذي خلفته مأساة قضية صعدة.

ولقد كان موقف اللقاء المشترك واضحا – ونحن في التجمع اليمني للإصلاح جزء منه- من قضية صعدة وما ترتب عليها من حروب مؤلمة اكتنفها الغموض، رفضناها منذ بدايتها تأكيدا لموقفنا الرافض لاستخدام العنف كوسيلة سواء للقمع او لفرض الأفكار باعتبار ذلك مناقض لمبدأ الحوار الذي نعتقد إنه الوسيلة المثلى للتوصل إلى الحلول الناجعة للمشكلات بمختلف أنواعها.

ولأن اليمنيين قرروا ان يكون مؤتمر الحوار الوطني هو الإطار الذي تحل فيه كافة المشاكل والأزمات التي يعاني منها الشعب اليمني فقد كانت قضية صعدة في مقدمة هذه القضايا من حيث الأهمية والخطورة.

وليس هنالك من شك أن محاولة تفهم قضية صعدة من جميع جوانبها ووضع المعالجات لمحتواها يحتاج أولا إلى العودة إلى جذورها التي نشأت بسببها، وكلما كان هناك تجرد وحرص على فهم جذور القضية تحقق النجاح في وضع المعالجات.

وعلى الرغم من محاولات البعض إضفاء البعد المذهبي على هذه القضية فإن تاريخ اليمن أثبت وجود التعدد بين التيارات والاتجاهات المختلفة فقد عاش فيه اليمنيون في إطار واحد في ظل جو من التعايش والتسامح والترفع عن الخلافات البسيطة وعكس ذلك الجو الصحي من التعايش ووحدة المساجد والمدارس ووحدة الثقافة والتواصل بين العلماء من هذا التيار أو ذاك، فلم يشهد تاريخ اليمن أيه حروب مذهبية بين أبنائه.

لقد كان اخطر ما كرسته أنظمة الحكم قبل ثورة سبتمبر في ممارساتها الظلم والاستبداد والإقصاء والتهميش لكل ما هو خارج عن رؤية الحاكم الفكرية "إلا في استثناءات قليلة جداً" وتكريس نظام اجتماعي طبقي سلالي يفرق ما بين اليمنيين على أساس العنصر، ومحاولة فرض هوية محددة على اليمنيين لا تتناسب مع واقعهم وفطرتهم.

لقد ورث النظام الجمهوري الذي أقامته ثورة سبتمبر 1962م تركة خطيرة من الرواسب السلبية لعهود الإمامة وعلاقتها وفكرها الإقصائي، وفي مقدمة كل ذلك " إيمان" فئة محددة بأن حقها في الحكم قضية دينية لا يكتمل الايمان إلا بها، وإن سعيها للسلطة عبادة ودين، واستحقاق مذهبي... وأن عدم تحقق ذلك يعني اضطهاداً دينيا موجهاً لها.

إننا لا نريد أن ننكأ الجراح والماضي الأليم، لكن قضية صعدة لا يمكن فهم جذورها وأبعادها الحقيقية إلا بوضع النقاط على الحروف، ولا يمكن إنكار البعد "السياسي الذي استغل الجانب الديني فيها بدءا وانتهاءً.

شهدت "صعدة" بعد ثورة سبتمبر (1962م) نشاطاً فكريا وثقافيا قام على أساس الاجتهاد وتجاوز المدرسة التقليدية وتنوع الافكار ولم يتسبب ذلك التنوع أو التعدد في أي مشكلة بين أبناء صعدة كغيرهم من أبناء اليمن حتى وصل تأثير انتصار ثورة الخميني في إيران التي عملت على تصدير الثورة إلى بعض شعوب المنطقة ومنها اليمن لدواعي التوسع والنفوذ الاقليمي، وقد ظهر ذلك واضحا من خلال تبني مجموعة من الشباب لشعارات الثورة الإيرانية وحزب الله اللبناني وسفرياتهم المتكررة إلى تلك الدول بحيث أصبحت تلك المجاميع هم حملة ذلك المشروع الإقليمي في اليمن.

من هنا بدا المجتمع الصعدي يشهد بعض التوترات ومما ساعد في تغذيتها التدخلات الخارجية لقوى إقليمية لها مصالحها في وجود صراع داخل اليمن، ولم يتمكن السلطة في اليمن بمنأى عن هذا الصراع فقد ساعد سوء إداراتها وعدم تقديرها للأمور في إذكاء جذوة التوتر حتى وصول الحال إلى المواجهة المسلحة عام 2004م، وفتح المجال لحروب متكررة من قبل السلطة ومن قبل الحوثيين، واستهان الطرفان بدماء اليمنيين التي سالت في شعاب وأودية وجبال صعدة وما جاورها سواء من المدنيين أو من القوات المسلحة وكلها دماء غالية علينا.

الجذور :

استخدام أحد طرفي الصراع وهم الحوثيون المذهبية كلافتة دينية بهدف استقطاب المقاتلين واستدرار عواطف الناس.

وقوف القوى التقليدية أمام وصول ثورة 26 سبتمبر بمبادئها وأهدافها ما أدى إلى تأخير وصول ثمار التغيير الجمهوري إلى صعدة، واستمرار هيمنة "المتنفذين السابقين" على معظم الأوضاع بالمحافظة، وخاصة الجهاز الإداري للدولة، والذي من خلاله أسهموا في عرقلة عملية التغيير وإبقاء المجتمع عموما في قبضة المفاهيم القديمة، الأمر الذي وفر المناخ لمعارضة النظام الجمهوري.

طموحات المشروع الإيراني للتوسع والتمدد في المنطقة في إطار التنافس الإقليمي على النفوذ والثروة دفع بها للدعم السخي بالمال والسلاح والمساندة الإعلامية لمن تم استقطابهم.

تورط النظام السابق في مشروع التوريث وتكريس شكلانية النظام السياسي الديمقراطي وتفريغه من مضامينه، وفيما بعد صارت مشكلة صعدة إحدى الوسائل اللا إنسانية لتدعيم مشروع التوريث حيث عمل النظام السابق على استغلالها لتصفية خصومه التي كان يرى انهم عقبة امام توريث السلطة.

ضعف أداء المؤسسات الحكومية وغياب التنمية ووجود نسب عالية للامية وعدم وصول الخدمات والمشاريع للمواطنين بالشكل المطلوب.
رغبة الحوثيين في التوسع الجغرافي باستخدام القوة بفرض حروب متعددة في كل من الجوف وحجة وعمران وهو الأمر الذي لا تفهم مبرراته.

وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه

___________
قدم الحزب الاشتراكي اليمني مع التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري رؤية مشتركة حول جذور قضية صعدة.
نص الرؤية
رؤية مختصرة عن جذور قضية صعدة
مقدمة من التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الاشتراكي اليمني لفريق عمل قضية صعدة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل
إن قراءة تاريخ صعدة وتتبع مكانتها ودورها في التاريخ اليمني يكشف الأهمية الإستراتيجية لهذه البقعة من اليمن التي تتجاوز مساحتها ال 10000 كم2 .

وأن أي قراءة لهذا التاريخ لا ينبغي أن تقف عند محطة من المحطات السلبية أو الإيجابية التي شهدتها ، بل لا بد من القراءة العميقة والموضوعية لما كابدته هذه المحافظة العريقة وعانت منه ، سيما في الخمسة العقود المنصرمة .

إذ أن ما جرى في صعدة وثيق الصلة وشديد الإرتباط بأزمة الحكم في اليمن . وغياب المشروع السياسي الوطني وعدم وجود العدالة الإجتماعية وإستمرار التهميش التاريخي لصعدة وتكريس النفوذ القبلي والعشائري على حساب دور الدولة ومكانتها وهيبتها.

فضلاً عن عجز الدولة عن تحقيق التنمية الشاملة والعادلة والمتوازنة وترسيخ نهج الحكم الفردي العصبوي على قاعدة إدارة الصراعات بالإزمات والحروب إنطلاقاً من أهداف سياسية .

إن هذه الأفكار والرؤى المختصرة التي تتناول جذور وأبعاد قضية صعدة ، تأتي في إطار الإسهام في تشخيص جذور المشكلة وتوضيح أسبابها ، والتي ستكون بلا شك إضافة متواضعة الى بقية الرؤى والأوراق المقدمة من مختلف القوى والمكونات المشاركة في مؤتمر الحوار حول هذه القضية الحيوية الهامة . بهدف تشخيص الجذور والأسباب وتقديم الحلول والمعالجات المناسبة لاحقاً وتحديد الضمانات الكفيلة بعدم تكرارها وإعادة إنتاجها مستقبلاً .

كما أن ما يرد في السطور التالية لا يهدف الى إدانة طرف أو تبرئة آخر ، وإنما يأتي في سياق القراءة التاريخية لجذور المشكلة التي كان : التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الإشتراكي اليمني سباقا ومبادرا للتنبيه لمخاطرها والتحذير من تداعياتها . والذي عملا في مختلف محطات ومراحل الصراع على كشف الآعيب النظام المستبد وتعرية أهدافة التسلطية العصبوية بل ومواجهتها بمختلف الوسائل والأساليب المشروعة ونجمل بإيجاز أهم جذور وأبعاد قضية صعدة فيما يلي :
1 ) غياب الدولة :
يمثل غياب الدولة ومشروعها الوطني القائم على المواطنة المتساوية والعدالة الإجتماعية جذر معظم القضايا الوطنية ومنها قضية صعدة .

ومنذ قيام ثورة سبتمبر 1962م التي أطاحت بالنظام الملكي الأمامي المستبد وحتى العام 2004م لم تعرف محافظة صعدة حضوراً فاعلاً للدولة سواء على صعيد بناء المؤسسات وتوفير البنى التحتية أو على صعيد القيام بوظائفها تجاه المواطنين وفرض سلطتها وتحقيق سيادة القانون ، بإستثناء الفترة من74-78 التي شهدت إهتماماً ملحوظاً بصعدة إنطلاقاً من المشروع الوطني لحركة 13يونيو التصحيحية في بناء الدولة المدنية . وقد ضلت صعدة مهمشة ومحرومة من أبسط الخدمات الأساسية من تعليم حديث وصحة ومياه شرب نقية وتحولت إلى بيئة للحرمان وسوق مفتوحة لتجارة السلاح والتهريب والثارات والإحتراب القبلي .

وكان حضور الدولة مقتصر على الجباية والتسلط ، واثارة الصراعات بين أبناء المحافظة ، واستمرت المحافظة تحت سطوة وسيطرة القوى التقليدية والمتنفذة لتصبح هي صاحبة الفعالية والتأثير في تسيير مجريات الحياة وتغييب الحقوق والمواطنة المتساوية .

2 ) الموقع الجغرافي على الشريط الحدودي مع السعودية :
تقع صعده في منطقة جغرافية استراتيجية هامة تمتد على الحدود الشمالية للجمهورية اليمنية مع المملكة العربية السعودية ابتداء من المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر غرباً وحتى مناطق الربع الخالي شرقاً . وهو ما جعلها محط أنظار الفاعلين في الداخل والخارج ، ومحاولتهم توظيف ما يحدث فيها لخدمة أجندة خارجية وساحة للصراعات والحروب بالوكالة . فيما سعت بعض الأطراف الإقليمية للإستفادة من حالة اللا دولة وغياب الإستقرار للتوسع ومد النفوذ . وما حصل من تدخل سعودي سافر وتوسع في إقتضام أجزاء من أراضيها شاهد على ذلك في ضل غياب الدولة ودورها في حماية السيادة الوطنية . فضلاً عن محاولات النظام السابق إستخدامها للإبتزاز لبعض الأطراف المحلية والدولية للحصول على مكاسب مالية وسياسية .

وقد مثلت إتفاقية ترسيم الحدود في عام 2000م تفريط في السيادة الوطنية زادت الأوضاع إحتقاناً . وكانت محل إعتراض ورفض من أبنائها الذين عملوا على التصدي لأعمال الترسيم المجحفة . ورفضوا ممارسات السعودية في إقامة الجدار العازل ، وعملوا على إعاقتها عن تثبيت ما حققته من مكاسب في اتفاقية ترسيم الحدود وهي الإتفاقية التي رفضتها كافة الأنظمة والحكومات المتعاقبة ووافق عليها النظام السياسي السابق .

3 ) نهج الإدارة بالإزمات وإذكاء الصراعات :
اعتمد النظام السابق خلال الثلاثة العقود الماضية اسلوب الإدارة بالأزمات ، وإذكاء الصراعات ، واللعب على التناقضات وتغذية الخلافات وأشعال الحروب بين الجميع وضد الجميع . فدعم القبيلة ضد القبيلة والأسرة ضد الأسرة . واحيا النزعات المناطقية والطائفية . وأفسد الحياة السياسية من خلال إختراق الأحزاب وتفريخها وابعادها عن ممارسة دورها الجوهري في العمل السياسي ودعم بعض الجماعات الدينية والمذهبية لضربها ببعضها البعض وتصفية حسابات سياسية مع بعض الأطراف وتأجيج الصراع المذهبي والطائفي .

وفي هذا الإطار تم إستغلال الجانب الفكري والثقافي في صراع مراكز القوى المحلية والدولية وممارسة ثقافة الإقصاء ضد الأخر وتهميشه وتأجيج الصراع لخدمة أهداف وأطماع داخلية وخارجية في ظل التضييق على الحريات الإجتماعية وفرض قيود على حرية الفكر والتعبير .

4 ) تقويض الشراكة الوطنية والتهيئة لمشروع التوريث :
مثلت قاعدة الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة اليمنية الضمانة الأساسية للمشروع الوطني لبناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة ، إلا أن مغامرة الإستحواذ على السلطة والإنفراد بها بدأت مع بواكير العهد الجديد لدولة الوحدة ووصلت ذروتها نهاية المرحلة الإنتقالية 1993م التي أنتجت حرب صيف 94م التي عمقت منطق الأغلبية والأقلية بديلاً عن الشراكة الوطنية . وجاءت النتائج الكارثية لحرب 94م لتعزز الشعور لدى الطرف المنتصر بأنه يمتلك من القوة والقدرة التي تمكنه من إخضاع كل الخصوم والمنافسين وحتى تصفيتهم والأستفراد بالسلطة ، وان الوقت قد حان لإعادة تشكيل خارطة القوى وتغيير معادلة الصراع بما يخدم استمرار رأس النظام في الحكم والتهيئة لتوريث أبنائه والحيلولة دون صعود أي منافس .

حيث وجد النظام من حرب صعدة وسيلة لتحقيق أهداف عدة في إستبعاد القوى التي كانت على علاقة به وحليفة معه عسكرية وقبلية ، وكذلك القوى الأخرى الرافضة لمشروع التوريث ليبقى النظام العائلي هو سيد الموقف والمتحكم بمجريات الأمور .

هذه بإختصار أهم الجذور والأبعاد لقضية صعدة من وجهة نظر التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري والحزب الإشتركي اليمني ، والتي لاشك أنها تشكل مع عدة عوامل ثانوية أخرى مقومات نشأتها وتصاعد وتيرتها لتتحول إلى قضية وطنية ذات أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية جسدت الجوهر السياسي والوطني للصراع وليس الصراع الديني والمذهبي .

----------------
نص رؤية حزب المؤتمر وحلفاؤه
قدم المؤتمر الشعبي العام وشركاؤه اليوم رؤيتهم لجذور قضية صعدة.

نص الرؤية
رؤية المؤتمر الشعبي العام وحلفائه لجذور قضية صعده وأسبابها كما يلي:
تعود جذور وأسباب قضية صعده بين الحوثيين والسلطة عام 2004 وشيوعها الى قيام الحوثيين بالامتناع عن دفع الضرائب والزكاة المشروعه واحتلال بعض مراكز المديريات وطرد موظفي الدوله ونشر نقاط التفتيش في الطرق ورفع (الشعار والصرخة) فادى ذلك الى احتدام الخلاف مع السلطة المحلية في المحافظة المعنية بتطبيق القانون وحماية النظام العام وحماية المواطنين من بعضهم البعض.

ثم قام حسين بدر الدين الحوثي وجماعته بالتحصن في جبال مران حيث سعت السلطة المحلية والمركزية الاحتواء الموقف من خلال الحوار والتفاهم بصوره مباشره وعبر وساطات دون جدوى.
ثم وصل الامر الى مواجهة السلطة بالقوة المسلحة من قبل الحوثي وجماعته فيما سمي بالحرب الاولى لصعده.

استند الحوثي وجماعته في مواجهة السلطة بالقوة المسلحة الى دعم خارجي من بعض الدول الاقليمية التي تستهدف اليمن وغيرها.
ومستغلين ضعف اجهزة السلطة المحلية في المحافظة وضعف وجود وسيطرة الدوله المركزيه.
وعدم وصول التنمية بمفهومها الشامل الى كل مناطق وأبناء المحافظة وخاصة في مجال التعليم العام والجامعي ووسائل الاتصال والمواصلات.

وكذلك غياب الوعي المجتمعي والدور الاعلامي البناء ووجود بطالة بين الشباب وانتشار السلاح وسهولة الحصول علية.
وساعد في استمرار المواجهة المسلحه مواقف بعض القوى السياسية والاجتماعية والعسكرية في صنعاء التي لم يكن لبعضها موقف واضح و صريح من قيام مجموعة من المواطنين بمحاولة فرض رأيها بقوة السلاح على السلطة بما يخالف القانون والدستور الذي ينظم العلاقة بين المواطنين والدولة.

من ما دفع الدوله للقيام بواجبها لحماية المواطنين وانها هذا التمرد المسلح الغير مبرر لا شرعا ولا قانونا وفرض هيبتها.
وبتلك الاسباب الظاهرة التي يعرفها ألجميع استمروا الحوثيون في مواجهة السلطة لفرض رأي او دفع ضرر يعتقدوه بالاعتماد على القوه والسلاح واستمرت الدولة بالقيام بوظيفتها الدستورية والقانونية لإيقاف ذلك.

ولستة حروب مؤسفة كلفت الوطن ألاف الشهداء والجرحى من ابناء الوطن من القوات المسلحه والأمن والمواطنين ومن الطرفين للأسف فالكل ابناء الوطن وأهلكت الموارد والممتلكات وأوقفت التنمية وعجلتها ليس على مستوى صعده فحسب ولكن على مستوى الوطن كله.
وتمددت شرارة هذه القضية وتداعياتها الى المحافظات المجاوره وصولاً الى صنعاء وأوجدت جرح غائر في النسيج الاجتماعي.

لاستمرار الدعم الخارجي من بعض الدول الاقليمية لهذه الجماعه الخارجه عن القانون ولتقاطع مصالح عدة اطراف دولية وإقليمية كانت سبباً لاستمرار التداعيات العسكرية والسياسية واستمرار النزيف في الدماء والموارد.
وبسبب رغبة بعض القائمين على القيادة العسكريه والتنفيذية المعنيين لاستمرار الصراع لدوافع فكرية ودينية وسياسية يحملوها في توجهاتهم ويريدوا تحقيقها ان امكن ذلك اضافة الى المصالح الشخصية مستغلين ايغال الحوثيين في المواجهه وبسط نفوذهم على اغلب مناطق صعده وتمددهم الي غيرها من المحافظات.

يدعم ذلك قيام بعض وسائل الاعلام رسمية وأهليه وحزبية ودولية وإقليمية بتصوير ما يحدث في صعده انه خلاف فكري ومذهبي.
وأضافه الى ما سبق وللبحث في جذور قضية صعده ومحتواها بصورة مباشره وميدانية .

فأننا نرى ان يستهدف البحث الفئات والمناطق التالية او بحسب ما تقتضيه الضرورة لذلك او يقره فريق صعده وكما يلي.

الفئات المستهدفة:
جماعة الحوثي
السلفيين في دماج
السلطة المحلية في مراحل القضية (محافظين و قاده عسكريين وأمنيين, قيادة مشروع اعمار صعده)
الاحزاب و منظمات المجتمع المدني
مشايخ واعيان من صعده من هذا الطرف وذاك او محايدين
المتضررين
النازحين والجهة المسئوله عنهم
من يتم الاتفاق عليه في فريق عمل صعده او اقتضته الضرورة غير ما سبق

المناطق المستهدفة:
محافظة صعده
محافظة عمران (سفيان)
محافظة حجه (مناطق التماس)
محافظة صنعاء (بني حشيش)
محافظة الجوف (مناطق التماس, والقتال بين الحوثيين والمضادين لهم)
من يتم الاتفاق عليه في فريق صعده او اقتضته الضرورة غير ما سبق

الهدف من النزول واللقاءات
الاستماع للمستهدفين عن ارائهم حول جذور المشكله وأسبابها ودوافعها وحول محتوى القضية وأثارها ونتائجها والإطلاع على اثار الحروب واخذ نسخه من أي احصائيات للآثار والضحايا يستحسن استلامها مكتوبة فان تعذر ذلك يتم تسجيلها في محاضر.

ثانياً: محتوى القضية
سيتم اعداده لاحقاً

ثالثاً: المعالجات والحول
سيتم اعدادها لاحقاً

رابعاً: ضمان عدم تكرار ما حدث مسبقاً
سيتم اعدادها لاحقاً

املين ان نكون قد وفقنا في رؤيتنا
وفق الله الجميع وحرس الله الوطن والشعب والوحدة.

-------------------
قدم حزب الرشاد اليمني اليوم رؤيته حول قضية صعدة وذلك أمام فريق قضية صعدة.
نص الرؤية
جذور قضية صعدة
مختصر رؤية مقدمة من حزب الرشاد اليمني لمؤتمر الحوار الوطني
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وأزواجه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:-
فإن الله سبحانه وتعال بعث محمدا صلى الله علي وآله وسلم بالهدى ودين الحق وأمره بإقامة العدل والقسط، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد.

وقد سار على هدى القرآن الكريم والسنة النبوية أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وفي مقدمتهم الخلفاء الراشدون أئمة الدين الذين كانوا يهدون بالحق وبه يعدلون ، ثم تعاقبت القرون المفضلة على الجادة يحرصون على الجماعة ويبتعدون عن الفرقة ويمتثلون قوله سبحانه وتعالى "الذين جاءوا من بعديهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم".

ولقد حذرنا القرآن الكريم من التفرقة وأمرنا بالاجتماع كما في قوله تعالى " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء" ، وجاء عن رسول الله أنه قال " إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة".

جذور وأبعاد قضية صعدة:-
وحينما ننظر إلى قضية صعدة وأبعادهها وتداعياتها فإن الوصول إلى حقيقة المشكلة لايخرج صعدة عن بقية مناطق اليمن فيما تعانيه من تهميش إلا أن السبب الرئيس الذي فاقم مشكلة صعدة وميزها عن بقية محافظات الجمهورية بمزيد من المآسي هو:-
- قيام جماعة الحوثي بالتمرد المسلح على الدولة.
حينما توجهت الجماعة إلى الإعداد والعمل المسلح وبناء المتارس وحفر الخنادق وجمع الأسلحة بمختلف أنواعها وتكريسها دخلت في صراع مسلح مع الدولة وحروب متلاحقة ذهب ضحيتا عشرات الآلاف من القتلى والجرحى من الجانبين.

- السيطرة على محافظة صعدة:
وبعد أن تدهورت الأوضاع الأمنية والاقتصادية وتوسعت دائرة المعارضة السياسية في اليمن وكثرت الاضطرابات في البلاد قامت جماعة الحوثي قبل عام 2004م بإغلاق مناطق جبال مران – مديرية حيدان وعزلها عن سيادة الدولة ونفوذها وفرضت على الناس الزكوات وألزمتهم بأنواع من الضرائب والإتاوات وقامت بتوزيع وشراء الأسلحة وشكلت مجاميع منظمة ومتعددة وأصبحت تتدخل في شؤون الدولة والمجتمع ممثلة خطرا حقيقيا وتهديدا للسلم الاجتماعي والأمن.

وانطلقت الجماعة في العمل التعبوي والتحريضي وشيئا فشيئا توسع نشاطها في عموم صعدة وانتشرت المليشيات التابعة لها في عموم المحافظة حتى سقطت المحافظة في يد الحوثيين وقامت بفتح معسكرات التدريب وعملت على تصنيع الألغام والمتفجرات والقذائف والقنابل محلية الصنع عبر دائرة الإنتاج اليومي مع مايتم استيراده من الأسلحة من مناطق أخرى.

وبعد أن استتب الأمر لجماعة الحوثي في صعدة وخرجت المحافظة عن سيطرة الجمهورية اليمنية تجاهلت الممارسات في الآتي:-
1. قامت بتهجير السلطة المحلية الشرعية ونصبت محافظات غير شرعي وغير قانوني يستمد توجيهاته من عبدالملك الحوثي.
2. قامت بتعيين وكلاء للمحافظة ومدراء عموم المكاتب والمديريات ومسئولي المحافظة من التابعين لعبد الملك الحوثي دون أن يكون لهم مستند قانوني أو تكليف أو قرار من الجهات الحكومية المختصة.
3. تولت جماعة الحوثي تحصيل الأموال والفروضات المالية من الزكوات والواجبات وفرضتها على المواطنين بالقوة والقسر لصالح الخزينة التابعة للجماعة.
4. أحدثت نقاط التفتيش المنتشرة ضد المواطنين والمدنيين.
5. مارست أنواعا من الأعمال القمعية والإرهابية ضد أبناء المحافظة ومن ذلك الاغتيالات والاختطافات والتعذيب في سجونها الخاصة والقيام بالتهجير والتشريد.
6. ممارسة الاضطهاد الفكري لمخالفيها ومصادرة الآراء المخالفة لها وتهديد المواطنين في صعدة بحجة وقوفهم مع النظام السابق تارة وبحجة المخالفة الفكرية تارة أخرى ، وقد هدمت بعض مساجد المحافظة وأغلقت بعضها وحاصرت مركز دار الحديث بدماج الذي أسسه العلامة مقبل بن هادي الوادعي –رحمه الله- وقتل فيه أكثر من 70 طالبا وأكثر من 100 جريجا ، ومنعت عن المركز الغذاء والدواء وحليب الأطفال والأدوية الخاصة بمرض الضغط والسكر وغيرها.

7. حظرت أي نشاط يخالف توجهاتها بما في ذلك أنشطة دعاة الزيدية وشبابها المخالفين لها وكذا نشاط جماعة الدعوة والتبليغ وأنشطة الأحزاب السياسية حتى وصل الأمر إلى مداهمة مقراتها ومصادرة محتوياتها.
8. هجرت عشرات الآلاف من المواطنين من أبناء صعدة وغيرها وأصبحوا فاقدين لمزارعهم ومساكنهم متنقلين في محافظات اليمن المتعددة يعيشون أوضاعا إنسانية مأساوية.

وخلاصة الأمر:
فإن جماعة الحوثي جماعة متمردة مسلحة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة خارج إطار المشروعية القانونية تهدف إلى إقامة كيان سياسي مستقل عن نظام الجمهورية اليمنية عبر وسائل سياسية وعسكرية قد جعلت من محافظة صعدة منطلقا لحركتها ، وتهدف إلى تمديد نفوذها في جميع مناطق اليمن مستفيدة في ذلك من ضعف وجود الدولة ومؤسساتها ومن الدعم الإقليمي المباشر واللوجستي.

ونحن في الرشاد ندعو جماعة الحوثي إلى التعايش السلمي، وعدم فرض الآراء بالقوة، ونبذ أسباب الكراهية والعنف وسلوك النهج السياسي المشروع في إطار سيادة الدولة والنظام والقانون وتحت سقف الجمهورية اليمنية دون اللجوء إلى قوة السلاح وأعمال الإرهاب.

كما أننا ندعوهم إلى الرجوع إلى الحاضنة الوطنية وفك الارتباط والارتهان للأجندة والمشاريع الخارجية.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وجنب اليمن كل سوء ومكروه.

----------
قدم ممثلو أنصار الحوثي في مؤتمر الحوار الوطني رؤية أعلنوا أنها مشتركة مع ممثلي مكون الحراك الجنوبي في المؤتمر.
نص رؤية ممثلي الحوثي والحراك
تمهيد:
إن الواقع البنيوي والسياسي المختل لمنظومة الحكم العصبوية الفردية التي ثار عليها الشعب اليمني في فبراير من العام 2011م، والتي اختزلت إدارة البلاد في المنظور الشخصي والنفعي لمراكز القوى التي شكلت تلك المنظومة، بعيدا عن أية رؤية استراتيجية وطنية؛ إلى حد استهداف مؤسسات الدولة واستلابها الأدوارَ المنوطةَ بها، وجعلِها مجرد ديكور في إدارة البلد، وواجهةَ استرزاق للصالح الخاص، كل ذلك في إطار التشبث بكرسي الحكم الذي تطور إلى نظرية التوريث التي خلقت تباينا في أروقة النظام أفضى إلى تجاذبات زادت الوضع سوءا أكثر مما كان عليه، ولكن في ظل توافق مقدس في الوقوف ضد كل من كان خارج إطار منظومتهم الحاكمة، هذا الواقع أفرز أكثر من قضية على المستوى الوطني ككل، كالقضية الجنوبية وغيرها بالترافق مع اختلالات مجتمعية طالما حرص النظام على إنتاجها والحفاظ عليها، كما أن ذلك الواقع أيضا أثر تأثيرا سلبيا رهيبا في مدى تعاطي النظام مع التجاذبات الإقليمية والدولية، وخصوصا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م، والتي أفرزت سياقا سياسيا جديدا في العالم عموما والمنطقة خصوصا، كان هو السياق الذي شنت فيه السلطة عدوانها منتصف 2004م – بعد سنة ونصف من الاعتقالات والانتهاكات التعسفية – والتي دشنت بذلك سلسلة حروب مدمرة أهلكت الحرث والنسل وخلفت قتلاً ودماراً شمل رقعة واسعة من الوطن، ومس شرائح وفئات واسعة من أبناء المجتمع، لينتج على خلفية ذلك ما سمي ب "قضية صعدة" التي جعلها ذلك السياق السياسي الإقليمي والدولي الجديد - مع اعتبار واقع النظام السياسي المذكور آنفا - "قضية سياسية" في صورة واضحة خلفت الكثير من التداعيات الخطيرة على المستوى الإنساني والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي والأمني.

هناك كثير من اللبس والتشويش رافق مسار القضية منذ نشأتها، سواء من قبل منظومة الحكم حينها في محاولة خلق صورة نمطية مغايرة لواقع القضية وماهيتها، أو من قبل بعض وسائل الإعلام غير الرسمية من خلال التماهي والذوبان بقصد أو بدونه مع هذه الصورة الوهمية التي خرجت من رحم أجهزة النظام المخابراتية والإعلامية، حيث تجلى ذلك اللبس من خلال تعدد التفسيرات التي تُسوِّقها تلك الوسائل للقضية، كالتفسير الجهوي أو الطائفي أو الحقوقي المطلبي أو السيكولوجي النفسي! حيث يريد من ذلك البعض حرف القضية عن مسارها وعزلها عن واقعها التي نمت فيه وظهرت منه.

وما يجب التنبه له هنا ما يتعلق بالمصطلح وذلك أن ارتباط مفهوم القضية " بصعدة " هو على المستوى اللغوي والاستخدام الفني للغة لا على المستوى الموضوعي السياسي والأمني والاجتماعي الذي يتجاوز الدلالة المفهومية الأصلية لكلمة "صعدة"، وبالتالي مصطلح "صعدة" ليس محدداً جيوسياسياً لمجتمع القضية، وإنما يمتد إلى حيث يمتد الوجود السياسي والاجتماعي لأنصار الله في صعدة وخارجها، والتسمية إنما جاءت بمناسبة أن صعدة كانت الميدان الأول للحرب وعلى أرضها كان معظم العدوان، إلا أنه لم يقتصر عليها، حيث شمل محافظات أخرى كصنعاء وعمران والجوف وحجة.

فقضية صعدة وإن كانت قضية وطنية تهم كل اليمنيين إلا أنها ارتبطت في وجودها ونشأتها بوجود ونشأة أنصار الله والحروب التي شنت عليهم، وفي كل مراحلها وتطوراتها هم الطرف المعبِّر عنها في الحرب والسلم والمفاوضات، وهم الطرف المفاوض الرسمي والوحيد في مقابلة السلطة، فهي قضية لها علاقة ذاتية بأنصار الله يتوقف وجودها على وجود حاملها (أنصار الله) ويرتفع بارتفاعه، فهي من هذه الناحية على العكس من القضية الجنوبية التي نشأت لأسباب موضوعية تتعلق بالأرض، والحامل السياسي لها كل القوى والمكونات الجنوبية التي تتبناها.

وما يُطرح مِن زَعْم أن أنصار الله ليسوا هم المكون الوحيد في صعدة وبالتالي ليسوا هم الممثل أو الحامل السياسي الوحيد له غير دقيق - على فرض حسن النوايا - فالقضية ليست جهوية أصلا، كما أنه على اعتبار أن تداعياتها ونتائجها شملت آخرين غير أنصار الله فهذا يدخل في بند معالجة التداعيات (المحتوى)، وليس في تعريف أصل ومنشأ القضية وجذورها.

وعلى هذا الأساس يمكن تعريف قضية صعدة بأنها: قضية سياسية، بمعنى أنها في نشأتها تفسرها عوامل سياسية، أصولها تكمن في التركيبة البنائية للنظام والعقل السياسي المسيِّر له، وطريقته في إدارة البلاد وأسلوبه في إدارة الأزمات، ومعالجة التحديات وآليات اتخاذ القرار، واستراتيجيته التي يتبعها في التعاطي مع التأثيرات والمؤثرات الخارجية.

جذور القضية:
في معالجة القضية في جذورها يمكن مقاربتها على مستويين:
المستوى الأول: يعالجها في أسبابها المباشرة والموقفية، وذلك بالعرض الموجز لكيفية البداية لنشوء القضية وتطورها، وما المشكل الذي دفع بالسلطة لإعلان حربها الشاملة؟!
فبعد أن قطع دراسته بالسودان واستقر في بلدته مران، قرر السيد حسين بدر الدين الحوثي أن يتفرغ لتقديم مشروعه الإصلاحي التجديدي، الذي يعتمد النص القرآني كنص مركزي متجاوزا التقليدية والمذهبية، ولم يكن في مشروعه ما يتنافى مع المشروعية القانونية، كما لم يكن يعتمد أو يتبنى أي آليات أو أعمال عنيفة أو غير سلمية، حتى ضد الأطراف التي يهتف ضدها.

ولأن ذلك المشروع جاء بالتزامن مع أحداث سبتمبر والحرب الكونية التي قادتها الولايات المتحدة على ما أسمته بالإرهاب، كان من بين أهدافه الاستراتيجية ممانعة ورفض الهيمنة والوصاية التي أخذت تمارسها أمريكا على المنطقة واليمن، تحت يافطة مكافحة الإرهاب ونشر الديمقراطية مستغلة الشرعية الدولية التي انتزعتها تحت ضغط أحداث أيلول سبتمبر 2001م، لإعادة رسم خارطة المنطقة العربية والإسلامية وفقا لمصالحها.
تمثل نشاط السيد/ حسين في تقديم ذلك المشروع القرآني في إلقائه خطباً ومحاضرات كانت تسجل وتوزع في أشرطة كاسيت وأقراص CD وملازم مطبوعة وبصورة طبيعية، بالإضافة إلى ترديد شعار (الله أكبر – الموت لأمريكا – الموت لإسرائيل – اللعنة على اليهود – النصر للإسلام) في المناسبات والاجتماعات والمساجد، خصوصاً الجامع الكبير بصنعاء وجامع الإمام الهادي بصعدة بعد خطبتي الجمعة من كل أسبوع، ومقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، كإعلان موقف من منطلق الشعور بالمسئولية أمام الله تجاه ما تصنعه أمريكا وإسرائيل بحق الشعوب العربية والإسلامية وعلى رأسها فلسطين، والرسالة التي أراد إيصالها من خلال ذلك الشعار: الإدانة الأخلاقية والسياسية لمساعي فرض الوصاية الأمريكية وتطويع الوعي العام اليمني والإسلامي عموما للقبول بها، وتحصين لوعي المجتمع من الاختراق وتطويعه لصالح المخططات والمشاريع الإستكبارية, وخلق رأي عام محلي .
يمكن القول بأن السيد/ حسين بدر الدين الحوثي ومن خلال ذلك المشروع القرآني في خضم ذلك الواقع بدا وكأنه يسير عكس التيار الذي كانت تسير فيه المنطقة من خضوع للهيمنة الأمريكية وخفوت الأصوات المناهضة لغطرستها وعنجهيتها، فالأنظمة الحاكمة في المنطقة كانت تحرص على إخماد أي صوت مناهض نزولاً عند الرغبة الأمريكية، والخشية من أن يحسب ذلك إخفاقاً من قبلها في تطبيع الوضع بما يخدم تلك الرغبة، نتيجة لواقعها البنيوي السياسي المشخصن في مصلحة خاصة بعيدة كل البعد عن مصلحة وطن وأمة، لذلك وبعد أن أخذ الشعار والأدبيات والملازم تنتشر بمعدلات ملفتة لفتت انتباه المنظومة الحاكمة وكل القوى المرتبطة بها لم يتوانَ النظام في صنعاء عن الوقوف بحزم وشدة أمام ذلك النشاط السلمي الذي كفله الدستور والقانون اليمني والأعراف والمبادئ الدولية، حيث مارس الاعتقالات التعسفية والتعذيب والمداهمات لمنازل المواطنين بحق كل من يردد الشعار ويسعى في هذا النشاط طوال عام ونصف قبل شن العدوان المسلح منتصف 2004م، حتى وصل عدد المعتقلين إلى ما يقارب 800 معتقل، بالإضافة الى الفصل والتسريح من الوظيفة العامة ومحاصرة المنشورات والأدبيات ذات العلاقة بخطاب السيد حسين بدر الدين الحوثي، بيد أن هذه الإجراءات العقابية لم تفلح في الحد من توسع هذا النشاط، بل إنها كانت تعطي مفاعيل عكسية فعمد النظام إلى التصعيد.
وما إن عاد الرئيس اليمني حينها من ولاية جورجيا الأمريكية بعد لقائه بالرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في قمة الدول الثماني حتى نزلت الحملة العسكرية إلى محافظة صعدة، وبشكل مفاجئ وغريب بدأت الآلة العسكرية اليمنية قصفها على منطقة مران وما جاورها في صباح يوم الأحد بتاريخ 18- 6- 2004م، ليدشّن بذلك حرباً عدوانية طالت كل مقومات الحياة، في ظل صمت محلي ودولي رهيب!! وتعتيم إعلامي مدروس تجاه الانتهاكات والجرائم البشعة التي ترتكب بحق أبناء المنطقة، مما ينم عن تواطؤ إقليمي ودولي يدل على حجم المؤامرة، ويكشف زيف ادعاءات الديموقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير.

لم تخفِ الإدارة الأمريكية ضلوعها في هذه الحرب الآثمة عندما نشرت سفارتها في اليمن وبعد أن طالت الحرب بلاغاً صحفياً دعت فيه اليمنيين بالوقوف مع النظام في حربه في محافظة صعدة.
دشنت السلطة وعبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية التابعة لها تلك الحرب بالتّهم الباطلة والشائعات والأكاذيب ك }ادعاء النبوة - الإمامة - العمالة للخارج - زواج المتعة - التشيع - الخروج عن طاعة ولي الأمر- الردة - التآمر على الوطن – قطع الطرقات – الإرهاب – رفع علم دولة أجنبية – سب الصحابة{، كل ذلك بهدف إضفاء الطابع الشرعي على تلك الحرب الظالمة، ومحاولة التشويش على دوافع العدوان الحقيقية.

المستوى الثاني: الجذور البنائية
يتمثل الجذر البنائي لقضية صعدة في فشل مشروع الدولة المؤسسية، ومركزة الحكم في العصبويات داخل منظومة النظام، وضرب مرتكزات الدولة، واستهداف مؤسساتها وتعطيل وظائفها، وتحويلها لواجهات ديكورية، وتعطيل العدل، وتبني آليات الدولة البوليسية، واعتماد الحرب ضمن آليات إدارة البلاد، والتملك الذاتي للبلاد والعباد والسلطة والثروة والقوة، وتسخيرها لخدمة مصالح دوائر النفوذ.
ويتمثل أيضا في عدم وجود ضوابط وقيود قانونية ومؤسسات وآليات تتسم بالفاعلية والشرعية لإدارة الصراعات الاجتماعية وحلها، والحيلولة دون استفحالها، وتقويض الشرعية القانونية والدستورية، واستبدال الدولة كمشروع وطني مؤسسي ببنى تقليدية بالية ما قبل دولتية. مع إعطائها صبغة سياسية مؤسساتية حديثة شكلية، وتمييع وتعطيل وظائف الدولة وأجهزتها الإدارية والقضائية، وربطها بشخوص النظام المتنفذة، ما جعل القانون عاجزا عن تحقيق العدل الاجتماعي، وعطل سيادة القانون لجميع أطراف المعادلة الوطنية، وغيب الضمانات القانونية اللازمة لحماية حقوق المواطنين وحرياتهم واحترام آدميتهم، والاستخدام غير القانوني للقوة، فأصبح النظام أكثر شراسة في التعامل مع المواطنين والقوى السياسية المعارضة، خاصة تلك الفئات التي لا تتمتع بالحماية القبلية في مجتمع تعد القبيلة من أكثر العناصر السياسية والاجتماعية فاعلية فيه.

ويتمثل أيضا في وجود قضاء مُسَيَّس خاضع للسلطة التنفيذية والرئيس بشكل خاص، وغياب الضوابط الدستورية لاستخدام القوة والمؤسسات الوسيطة الفاعلة أصبح العنف ظاهرة عامة ومفضلة في إدارة الصراعات.
وفي غياب الرؤية السياسية الوطنية والقدرة على التعامل مع التحديات والأزمات السياسية والاجتماعية والثقافية من منظور وطني، واعتماد تكتيكات ظرفية لا تهدف إلا إلى إعادة إنتاج منظومة الحكم، فالنظام كان يعتقد أنه ربما قد يحقق من خلال ورقة صعدة بعض مكاسب سياسية تكتيكية لها علاقة بالصراع على خلافة الحكم بين أجنحة النظام المتصارعة, أو قد يسترضي بها أطرافا إقليمية ودولية، إلا أن الأمور تطورت على خلاف رغبته، فهو من البداية أخطأ في تقدير حساباته لأبعاد القضية، وما قد يكون لها من مئآلات اجتماعية وسياسية واقتصادية ودينية، نتيجة أنه لا يمتلك معلومات دقيقة عنها، والمعلومات التي كان يتلقاها من أجهزته الاستخباراتية ومن الحرس القديم (المشايخ) الذين كانت تعتمد عليهم السلطة كانت مظلِّلة، وتأتي تنفيذا لرغبات نفسية وتصفية حسابات شخصية. وقد أقر تاجر السلاح المعروف الشيخ فارس مناع في مقابلة مع صحيفة الوسط أن الأجهزة الاستخباراتية مسئولة عن الإضرار التي لحقت بصعدة، واتهمها بأنها كانت ترفع تقارير مظلِّلة, كما يرتبط بآليات صنع القرار في الأنظمة التي تتسم بالمزاجية والانفعالية والارتجالية والتقديرات الذاتية الخاطئة, ولذلك كان إعلان النظام للحرب مفاجأ للشارع اليمني والنخب السياسية حتى داخل النظام نفسه!! فلم يكن ثمت ما يوحي بوجود أزمة. والتأمل في طبيعة الأزمة عند بدايتها يؤكد أنها لم تكن الخيار الوحيد الممكن، بل لم يكن يتوفر على الحد الأدنى من المبررات لإرسال طقم عسكري فضلا عن حملة عسكرية بقيادة الجنرال على محسن رجل الحرب الأول في نظام صالح، وبإشراف مباشر من الأخير نفسه، وبالتالي فشل النظام في تقديم مبررات تقنع كثيرا من القوى السياسية والمدنية في خلق التفاف شعبي مناهض لأنصار الله، وعلى العكس فشعور المجتمع خاصة في صعدة بعدوانية الحرب ومظلومية أنصار الله خلق اصطفافا مجتمعيا متزايدا من حولهم ومنحهم غطاء شعبيا.

ولأن النظام لم يعد يكترث للمشروعية القانونية اللازمة للتأييد المجتمعي، اكتفى باختلاق عدد من التخرصات افتراها على أنصار الله، وتحول مباشرة إلى المؤسسة العسكرية لتسوية الخلاف بعد إعادة بنائها بناء غير وطني، واعتماد معايير الولاء الشخصي والحزبي مما أدخلها تحت الإمرة المباشرة، وساعد ذلك على التقاسم العصبي والتملك الذاتي لها من قبل رموز النظام، وتحولت وظائفها الدستورية من حماية الشعب والوطن إلى الصراعات السياسية، وتصفية خصومهم السياسيين.
وإقحام الجيش من البدايات الأولى للحرب الظالمة في مخالفة صريحة للقانون- لأن مهمة الضبط على افتراض وجود مسوِّغ قانوني من اختصاص أجهزة الشرطة - واستخدام الأسلحة الثقيلة بكل أنواعها، واختيار الجنرال محسن المعروف بميوله السلفية وعدائه الشديد للشيعة , كل ذلك يدل دلالة واضحة على وجود نوايا استئصالية ضد هذه الجماعة .

وفي خطوة تعكس التآكل الذي لحق بمشروع الدولة عمد النظام إلى وسائل بدائية في حربه على أنصار الله، بتوظيف الثقافة القبلية وأيديولوجيا التناصر العصبي، والتحشيد القبلي على أساس عصبوي قبلي وعرقي، والإغراءات بالفيد والسلب والنهب والمكافآت والوظائف والتجنيد والمناصب. ففي حرب صعدة كان الشيخ عبد الله الأحمر بإيعاز من الرئيس قد أطلق ما يسمى في الأعراف القبلية (بالنكف) دعا فيه مشائخ صعدة بداعي القبيلة إلى مساندة النظام ضد أنصار الله، وأخرى باللجوء إلى فقه الفتوى وحلاله محل القانون واستخدام رجال الدين لإصدار الفتاوى اللازمة حسب الطلب، كالبيان الذي أصدرته جمعية علماء اليمن في 20/2/2007م والذي وصف أنصار الله بالفئة الضالة، وأوصى بضرورة استئصال الفتنة أو الحوثية - حسب وصفها - من دابرها، وهو سلوك لا ينتمي لثقافة الدولة ولا يمت بأي صلة لسلطة القانون، وتعكس افتقار الحرب للشرعية القانونية، فضلا عما له من آثار مدمرة على وحدة المجتمع وتفكك نسيجه الاجتماعي.

ولتأثر سياسات النظام بالإملاءات الخارجية - حيث اشتهر النظام اليمني بضعف ممانعة النفوذ الخارجي - وأتت المشاركة المباشرة للسعودية في الحرب لتكشف عن الترهل الذي لحق بالسيادة الوطنية لليمن، وقضية صعدة لا يمكن فهمها بشكل واضح بعيدا عن صراعات المحاور الإقليمية والبيئة السياسية الدولية التي أفرزته أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م. ففي رده على سؤال صحيفة الوطن العربي (30/9/2006) أوضح الهتار - وكان حينها وزيرا للأوقاف - أن "شعار الموت لأمريكا "أحرج الحكومة اليمنية في ظل الظروف العالمية والتوتر الذي تعيشه المنطقة. وكان السقوط السهل لأفغانستان ومن بعدها العراق بيد الاحتلال الأمريكي وسقوط نظام صدام حسين – قبل أن تغرق في مستنقعهما يغري الولايات المتحدة في المضي نحو شرق أوسط كبير، الأمر الذي ارتعدت لها فرائص الزعماء العرب وهرعوا إلى استرضاء العم ( سام )، حينها قال الرئيس السابق " إذا حلق ابن عملك بَلَّيت "وقال: يجب أن نحلق لأنفسنا قبل أن يحلق لنا الآخرون" وعمل على ترجمتها بتعزيز علاقته بالولايات المتحدة ومحاولة استرضائها!!

وأثناء ذلك كان النظام يتعمد تغذية التناقضات الاجتماعية، واستحياء النزاعات والانقسامات الجهوية والطائفية والثارات السياسية، وزرع ثقافة الخصام وإشاعة حالة من عدم الاستقرار، بحسبان أنها تضمن بقاءه بعيدا عن استجرار الموروثات الاجتماعية التاريخية للصراعات العصبوية العرقية والطائفية.
مما سبق يتضح بأن ذلك النظام لم يكن يتعامل مع هموم الشعب وقضاياه بروح وطنية مسئولة، ولم يكن بمعزل عن التجاذبات الإقليمية والدولية في بلورة طبيعة العلاقة القائمة بينه وبين شعبه التي يُكَيِّفها على حساب مصلحة الوطن، وأن التأثر بتلك التجاذبات بلغ أَوْجَهُ بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر من العام 2001م والتي مثلت منعطفاً فارقاً، دخل بموجبها العالم عموماً والمنطقة خصوصاً مرحلة جديدة دشنت بها الإدارة الأمريكية مشروعها التآمري على المنطقة تحت مسمى [ الشرق الأوسط الكبير ومن ثم الجديد] الذي تبنته صراحة حين أعلن الرئيس الأمريكي حينها "جورج بوش" عن عزم الإدارة الأمريكية رسم خارطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، والتي تهدف إلى إعادة صياغة المنطقة جغرافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحضارياً، وإقامة ترتيبات أمنية وسوق مشتركة إقليمية لخدمة الأهداف والمصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، والأهم من ذلك إعادة الصياغة الثقافية والفكرية وخلق وعي جديد لدى شعوب هذه المنطقة يتماشى مع ما يخدم ذلك المشروع، الأمر الذي شكل خطراً على شعوب المنطقة أرضاً وفكراً وانساناً، كل ذلك تحت ذريعة [مكافحة ما يسمى: الإرهاب]، ودعوى نشر الحرية والديمقراطية، وإزالة الأنظمة الدكتاتورية، وأسلحة الدمار الشامل، ومحاربة القرصنة.
سارع زعماء الأمة العربية والإسلامية ومنها اليمن حينها في تقديم أنفسهم وجيوشهم أداة لإخماد أي صوت أو غضب أو موقف مهما كان بسيطاً في مواجهة هذا المخطط الأمريكي الصهيوني، كل ذلك حماية لعروشهم التي صارت تمثل وجودهم وحياتهم، وهكذا كان حال منظومة الحكم في اليمن التي كانت في مقدمة هؤلاء المسارعين، فكان أولى نتائج هذا التماهي والذوبان من قبل أنظمة الحكم في المنطقة هو سقوط كل من أفغانستان والعراق تحت وطأة الاحتلال الأمريكي بعد غزو همجي على مرأى ومسمع من العالم، خلَّف الملايين من الضحايا، بالإضافة إلى زيادة التدخلات في الشئون الداخلية لدول المنطقة، والتحكم بقراراتها السياسية وفرض وصايتها عليها.

وفي هذا الواقع العصيب تحرك السيد حسين بدر الدين الحوثي في مشروع قرآني ذي طابع نهضوي إحيائي، هَدَفَ لاستصلاح حال الأمة، بحيث يصبح الفرد حراً ومسؤولاً عن حاضره ومستقبله وقضايا أمته ووطنه، قادراً على تحمل مسؤوليته في مناهضة وممانعة قوى الاستكبار العالمي، ولم يكن لذلك النشاط أي امتداد أو لم يكن تحت أي إطار لأي نشاط زيدي سابق إن صح التعبير كالشباب المؤمن؛ لأنه تجاوزها بكثير، متحرراً من منهجيتها التقليدية ومن أي أطر مذهبية أو طائفية أو جهوية.
وهو النشاط الذي أثار مخاوف قوى محلية سياسية واجتماعية وأخرى إقليمية ودولية تعددت دوافعها وأسباب تخوفاتها والتقت جميعها في الرغبة في التخلص منه، تطورت في 2004م إلى عدوان مسلح بعد إعلان السلطة الحرب، والتي كان لها الكثير من الإفرازات على كل المستويات.

المحددات الاجتماعية للقضية:
من أكثر الأمور التي حصل فيها كثير من اللبس والخلط والذي برز بشكل ملفت في قراءات العديد ممن حاولوا تشخيص القضية هو تناولها من منطلق عوامل ومحددات هي في الحقيقة لم تكن سبباً في ظهور أنصار الله ونشوء القضية بشكل مباشر، وإنما عملت كمحفزات بعد ولادتها كونها كانت البيئة التي وَجَدَت القضيةُ نفسَها فيها، تلك البيئة التي أفرزتها سياسات النظام العبثية، سواء في التعامل مع التنوع المجتمعي والفكري القائم في البلد؛ الأمر الذي جعل البعض ينظر إلى القضية من زاوية مذهبية ويفسرها تفسيراً طائفياً، أو في التسبب وبشكل متعمد بجعل الحالة المعيشية للأغلبية الساحقة من أبناء الشعب متدنية، في ظل غياب للخدمات العامة، ومصادرة للحقوق والحريات على مستوى جميع المحافظات، جعلت آخرين يعتبرونها قضية حقوقية خالصة، بينما في الحقيقة أن ذلك كله إنما مَثَّل بيئة نشأت في ظلها القضية، بحيث تفاعلت معها في ظل استمرار تلك السياسة، وبنفس العقلية من قِبَل النظام السياسي في البلد، مما يعني أن تلك البيئة هي في الأساس نتجت عن عوامل سياسية بحتة، كان من الممكن أن تغيب في إطار نظام مؤسسي وطني يهمه مصلحة الوطن فوق كل الاعتبارات.

ويمكن أن نوجز بعض تلك المحددات في التالي:
- غياب العدالة الاجتماعية وانتهاج سياسة الإقصاء والتهميش وعدم القبول بالآخر.
- طريقة النظام السلبية في التعامل مع التنوع الفكري القائم، واستثمار المقدس الديني بطريقة نفعية وانتهازية تدميرية.
- استيراد فكر غريب على اليمنيين، وتسخير كل مؤسسات الدولة في محاولة فرضه، في ظل مصادرة لحرية الفكر والتعبير.
- فشل الأنظمة المتتابعة في اليمن الجمهوري في إدارة عملية التحول والتغيير بحيث تم إقصاء واستهداف المكون الزيدي، والتعامل مع فئات بعينها خارج إطار حقوق المواطنة.
- الخطاب السياسي المشحون بالعنف والكراهية والتبخيس ووصم الشرف الوطني لذلك المكون.
- غياب المشاريع الخدمية والتنموية في بعض المحافظات مقارنة بمحافظات أخرى.
- مصادرة الحقوق والحريات وعلى وجه الخصوص شرائح مجتمعية معينة.
والحمد لله رب العالمين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.