"حاشد" صوتكم لا خصمكم    الجماعي يطلع على سير أداء اللجنة المشتركة واللجان البرلمانية الدائمة    شرطة مأرب تستنكر حملة الإساءة والتشويه التي تستهدف الأجهزة الأمنية بالمحافظة    أمانة الانتقالي تواصل برنامج الهيكلة والإصلاحات التنظيمية    مسيرات راجلة ووقفات طلابية بمديريات محافظة صنعاء نصرةً لغزة    الاحمدي يستقبل لاعبي شبوة المنضمين إلى منتخب الناشئين    ميسي يغيب عن الملاعب لمدة غير محددة نتيجة إصابة عضلية    تضامن حضرموت يتعاقد رسميا مع المدرب السعودي بندر باصريح    الحزام الأمني بالعاصمة عدن يضبط ثلاثة متهمين بممارسة السحر والعبث بالآثار عدن    حجة.. وفاة مواطن بصاعقة رعدية في مديرية بني قيس    "صهاريج عدن" على قائمة التراث العربي المعماري بقرار من الألكسو    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    الأمم المتحدة تعلن ارتفاع حصيلة ضحايا غرق قارب مهاجرين باليمن    رئيس الوزراء يوجه بضبط أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية والتحقق من جودتها    تقرير حقوقي يوثق 5618 انتهاكا ارتكبتها مليشيات الحوثي الإرهابية بحق النساء    حضرموت التاريخ إلى الوراء    سلطة التكنولوجيا هي الاولى    عدن.. الحزام الامني يعتقل قوات أمنية تابعة للسلطة المحلية بعد إغلاقها مطعمًا    القاضي المحاقري يشيد بجهود محكمة استئناف ذمار    تدشين فعاليات وانشطة الاحتفاء بالمولد النبوي بذمار    تعز.. مسلحون على متن أطقم عسكرية يعتدون على محكمة ويختطفون ضابط أمنها    مجلة أميركية: الحوثيون يستغلون تجارة الكبتاجون المخدر في تمويل عملياتهم العسكرية    السامعي والخطاب التصالحي الوطني    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يعزي في وفاة المخرج الإذاعي سعيد شمسان    الأرصاد الجوية تحذّر من أمطار رعدية في عدة محافظات    شرطة مأرب تضبط كمية من مادة الحشيش قادمة من مناطق المليشيا    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    مناقشة الإعداد والتجهيز لإحياء فعاليات ذكرى المولد في إب    لقب تاريخي.. ماذا ينتظر باريس وإنريكي في أغسطس؟    رئيس جامعة إب يتفقد سير الأداء بكلية العلوم التطبيقية والتربوية والكلية النوعية بالنادرة والسدة    صومالي وقواذف وقوارير المشروبات لإغتصاب السجناء وتعذيبهم في سجون إخوان مأرب    جياع حضرموت يحرقون مستودعات هائل سعيد الاحتكارية    من المستفيد من تحسن سعر العملة الوطنية وكيف يجب التعامل مع ذلك    مفاجأة مونتريال.. فيكتوريا تقصي كوكو    سمر تختتم مونديال السباحة بذهبية رابعة    وادي حضرموت يغرق في الظلام وسط تصاعد الاحتجاجات الشعبية    في السريالية الإخوانية الإسرائيلية    عدن .. البنك المركزي يحدد سقف الحوالات الشخصية    السقلدي: تحسن قيمة الريال اليمني فضيخة مدوية للمجلس الرئاسي والحكومات المتعاقبة    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    العالم مع قيام دولة فلسطينية    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    جحيم المرحلة الرابعة    العلامة مفتاح يحث على تكامل الجهود لاستقرار خدمة الكهرباء    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    إعلان قضائي    مرض الفشل الكلوي (15)    اتحاد إب يظفر بنقطة ثمينة من أمام أهلي تعز في بطولة بيسان    الرئيس المشاط يعزّي مدير أمن الأمانة اللواء معمر هراش في وفاة والده    من بائعة لحوح في صنعاء إلى أم لطبيب قلب في لندن    بتوجيهات الرئيس الزُبيدي .. انتقالي العاصمة عدن يُڪرِّم أوائل طلبة الثانوية العامة في العاصمة    من يومياتي في أمريكا .. تعلموا من هذا الإنسان    الهيئة العليا للأدوية تصدر تعميماً يلزم الشركات بخفض أسعار الدواء والمستلزمات الطبية    هناك معلومات غريبيه لاجل صحتناء لابد من التعرف والاطلاع عليها    تشلسي يعرض نصف لاعبيه تقريبا للبيع في الميركاتو الصيفي    الحكومة تبارك إدراج اليونسكو 26 موقعا تراثيا وثقافيا على القائمة التمهيدية للتراث    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخاطر الجهل بما نريد

في حوارٍ حول تبدلات المشهد الشعبي بين وضوحه وعزمه في التعبير عما لا يريده ، وبين غموضه وعجزه في التعبير عما يريده ، قال لي صديقي المناضل الناصري القدير / عبد الوهاب الحسامي ، إن المجتمعات العربية تعرف وتدرك مالا تريد لكنها تجهل وتتجاهل ماتريد، وهو تفسيره للتحولات في المشهد الشعبي في تعبيره عن رفض بقاء الأنظمة وقدرته على إسقاط ما يريده ، ثم تفكك هذه الإرادة في البديل المراد إقامته مكان النظام المنهار.
في الخمسينيات ، وضع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في رؤيته الفلسفية الثورة سؤالاً مزدوجاً بهذا النص : من نحن؟ وماذا نريد؟ والحق أن الهوية محددة للإرادة المرتبطة بها عضوياً، من باب أن الإرادة تعبير عن هوية وتجسيد لها في الواقع والطموح ، فإذا قلنا نحن أمة كانت الإرادة واضحة في تعبيرها عن الحق القومي للأمة تحت عنوان الحرية والوحدة والتنمية المستقلة العادلة ، أما حين نقول نحن أمة عربية فإن العروبة تضيف إلى الحق القومي دوراً رسالياً في العالم والعصر ، لتكون الأمة بالعروبة موحدة برسالة هي الدور.
وحين نعبر عن هويتنا، بالمسميات القطرية الأدنى من العروبة والأمة ، تسقط الإرادة تحت العجز القائم بالتجزئة والضياع الوجودي ، فالعروبة اتساع وجودي في المكان والزمان كما في الأرض والإنسان أو الجغرافيا والتاريخ، لذلك كانت الدولة القطرية بلا إرادة لأنها أصلاً بلا هوية ، حتى وهي تحمل المشروع القومي للأمة العربية الواحدة.
وحين نتجاوز الحقيقة الوجودية للقومية ، للتعبير عن الهوية إلى هويات متعددة بحكم واقعها ، ومتحولة لكونها اختياراً للانتماء مثل الدين ، فنحن نقترب من هوية التفرق في الدين ، واستبدال الانتماء الوجودي باتخاذ بديله في الانتماء الاختياري ، أي أننا نعبر عن وجودنا فيما تفرقنا فيه تاريخياً، بين طوائف الإسلام من أتباع موسى وعيسى ومحمد عليهم وعلى رسل الله أجمعين الصلاة والتسليم، ثم بين كل طائفة من فرق وشيع شتى، أو فيما يفرقنا الآن من تباين واختلاف بين التطرف والاعتدال في مكونات التيار الديني باسم الإسلام.
الدين انتماء اختياري ، ولذلك تتعدد الأديان والطوائف في أمة واحدة ، بينما القومية انتماء وجودي لا يختاره الفرد او القوم ولذلك لا تتعدد الهوية القومية للأمم الواحدة، ومن المسلم به أن وحدة الدين تجمع أهله في امة واحدة ، فكل أهل دين واحد امة واحدة ، لهذا كان الأنبياء والمرسلون امة واحدة برسالة واحدة ، لكن هذه الوحدة لم تلغ الحقيقة القائمة بالوجود في اللسان القومي لكل رسول ليبين لقومه ما يحذرون.
قد نكون واضحين في تعبيرنا عن رفض الاستبداد الذي لا نريده ، لكن هذا الوضوح منعدم عن تعبيرنا عما نريده من بديل ، فالديمقراطية التي نريد نجهل ما هيتها ونتجاهل ما يترتب عليها من إلزام والتزام في التصور والتصرف، وفي المواقف والعلاقات ، فهذا الديمقراطي جداً في حديثه للناس ، لا يتورع في ذات الحديث أن يعبرعن رفضه للآخر وحقه في الاختلاف ، تفكيراً وتعبيراً ، مبرراً ذلك أن الآخر مارق عن الملة عميل لدولة أجنبية ، لا ثقل له في مجتمعه، وحين نجهل ما نريد أي نجهل ماهيته ومضمونه ، تتشتت هذه الإرادة في صورتنا المشتتة في معارفنا ووعينا الظاهر والباطن، أما حين نتجاهل ما نريد فإننا نمارس قصداً الخداع والتضليل.
الأخطر في جهل ما نريد أن يصبح ما لا نريد هو إرادتنا في القول والفعل ، ظهر هذا جلياً في أيام الانتفاضات الشعبية ببعض الأقطار العربية عام 2011م، حين عبرت الجماهير عن رفضها لمظالم الحكم ومفاسد الحكام، لكنها أرادت الظلم وارتضت مفاسده تجاه مقترفي الظلم والفساد من الحكام وحاشيتهم ، وأي تبرير للقبول بالظلم أو الوقوع في ممارسة مفاسده، بدعوى أن الخصم يستحقه ، هو وقوع في جرم البغي والعدوان وانحراف عن سبيل الحق المستقيم بالقيم وأمر العدل ومكارم الأخلاق، ذلك إن الفرق بين الجريمة والعدل فرق يستحيل معه الجمع بينهما بعلم أو عقل أو عرف أو قانون ، فالمجرم يكون كذلك بخروجه على حكم القانون ، ولا سلطان عليه إلا لهذا القانون،وحكمه عليه بشروط العدالة الكاملة وحتى إذا لم تكتمل شروط العدالة القانونية ، فإن نجاة المتهم من العقاب لا تدفعنا إلى إسقاط شروط العدل في الحكم ، لان الاختيار بين ظلم وعدل ولا توسط بينهما بشبهة أو رغبة.
جهل ما نريد غير مقبول ولا مبرر، لأنه يتضمن دلالة على أننا نجهل أيضا مالا نريد ، وذلك يعني أن دوافع وغايات حركتنا المعبرة عن رفض الواقع وما لا نريده من مفاسده وطغيانه، هي دوافع وغايات لا تريد الحرية والعدل، وإنما يحركها الطمع في مغانم الحكم ومصالح الملك والسلطان، وهذه معالم تدافع يتسابق أطرافه على احتكار القوة واستضعاف الناس.
وإجمالا، الجهل مذموم وبذاته مذمة ، وعلينا الخروج من ظلماته إلى نور المعرفة والبيان، وهي معرفة متاحة لمن أراد بالتضاد بين الأشياء ، فالظلم يعرف بنقيضه العدل، والحق يعرف بالباطل، والنور يعرف بالظلام ، وهكذا ، ثم تترقى المعارف لتصل بالساعين إليها إلى مسالك الترقي وسبل الرشد والتمكين، ذلك انه عندما نعرف ما نريد يسهل العمل، فإذا عرفت فقد أردت ونجحت.
[email protected]
رابط المقال على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.