منذ عقود خلت ونحن ندور في ذات الحلقة من المشاكل والأزمات التي لا تزال على حالها وكأنها قدرنا ومصيرنا الذي لا فكاك منه، فلو نظرنا إلى واقعنا اليوم فسنجد أن نفس المشاكل ونفس القضايا التي كنا نعاني منها في ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين لا تزال هي نفس المشاكل التي نعاني منها اليوم ونحن في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين. على مدى كل هذه السنوات شهد العالم أحداثاً جساماً وخطوباً عظاماً، اُحتلت دول ودُمرت أخرى وتشظت دول وتوحدت أخرى، وتم حلحلة العديد من المشكلات المعقدة في العالم، بينما نحن طوال هذه السنوات لم نستطع القضاء على مشكلة واحدة فلا تزال " المشاكل هي هي والقضايا هي هي" ولم نشهد أي تغيير إيجابي في واقع حياتنا المُزري. - فعلى سبيل المثال أزمة الكهرباء، أزمة المياه، الفساد المالي والإداري، ضعف القضاء وغياب العدالة، تدهور التعليم بكافة مستوياته وأنواعه، تردي الخدمات الصحية، سوء الأوضاع المعيشية.. كل هذه المشاكل لا تزال على حالها إن لم تزدد حدة، والمصيبة أن كل حكوماتنا المتعاقبة وكافة وزراء البلاد ومسئوليها دائماً ما يتحدثون عن سعيهم للقضاء على هذه المشكلة أو تلك، لكن رغم ذلك لم يحققوا شيئاً يذكر إلا نادراً والنادر يحفظ ولا يُقاس عليه. جميع مسئولينا الأجلاء يعرفون هذه الأزمات والمشاكل ويدركون مخاطرها جيداً ويتحدثون عنها ويحذرون دوماً من أن تجاهلها وعدم الإسراع بإيجاد الحلول لها سيؤدي إلى تفاقمها ،ولكن مع ذلك لا نلمس أية إجراءات حقيقية للقضاء عليها أو حتى التخفيف منها، وسمّوا لي مسئولاً واحداً يمكن أن يُنسب إليه الفضل في القضاء على مشكلة أو أزمة معينة.. للأسف لا يوجد ، والدليل على ذلك أن نفس المشاكل التي كُنا نعاني منها منذ عشرات السنين لا تزال كما هي، ويمكن القول إنه ليس هناك مشكلة أو قضية واحدة يمكن الحديث عنها بالقول أنها أصبحت من الماضي. صحيح أنه قد يظهر مسئول هنا أو هناك لديه رغبة حقيقية في القضاء على واحدة من هذه المشاكل ويبذل جهوداً عملية في هذا الاتجاه ، إلا أن كل تلك الجهود تذهب أدراج الرياح بمجرد تغييره واستبداله بآخر، حيث يحرص المسئول الجديد ومنذ الأيام الأولى لتسلمه منصبه على هدم وتدمير كل ما قام به المسئول السابق له. المواطن اليمني لا يزال يفكر بنفس الهموم ويعيش نفس المعاناة، حتى أحلامه لا تزال هي نفسها ولم ترتق إلى مستوى أحلام نظرائه على مستوى العالم، أحلامه لا تتجاوز في أفضل الأحوال تحسن المستوى المعيشي وكهرباء دائمة ومياهاً متوفرة وقضاء قوياً ونزيهاً وخدمات صحية جيدة وتعليماً راقياً وفوق هذه جميعاً الأمن والأمان والعدالة الاجتماعية، لكن هذه الأحلام رغم بساطتها لم تتحقق. ربما نحن الوحيدون في العالم الذين أحلامهم غير قابلة للتحقيق ،والدليل على ذلك أن أحلامنا لا تزال هي نفسها منذ عشرات السنين ولم تجد طريقها للتحقيق ولو جزئياً، الأمر الذي أصابنا بالإحباط والتشاؤم من إمكانية انصلاح الأحوال، وجعلنا نمتنع عن الحلم بأي شيء إيجابي بعد أن ترسخت لدينا قناعات باستحالة تحقيق ما نتمناه في حياتنا ،والواقع خير دليل على ذلك.. مكتفين بالتعايش والتكيف مع كل المشاكل والمعاناة التي تنغص علينا حياتنا "مكرهين لا أبطالاً"! يُقال إن "التغيير سنة الحياة" - والمقصود هنا التغيير نحو الأفضل - بينما الجمود والتحجر يخالفان الطبيعة البشرية السليمة، لكن عندنا لا أثر لهذا القول ،ربما لأن ما لدينا ليست حياة أصلاً لكي يحدث فيها تغيير، كل شيء في العالم من حولنا يتغير أو في طريقه للتغيير طبعاً نحو الأحسن والأفضل ،بينما في بلادنا كل شيء يتغير نحو الأسوأ وفي أفضل الأحوال تظل مشاكلنا وقضايانا على حالها ولم نتقدم خطوة واحدة للأمام لحلحلتها، ويبدو أننا نسير في كل أمورنا على عكس الاتجاه الذي يسير فيه العالم، ففي الوقت الذي يتقدم فيه العالم إلى الأمام بخطى سريعة نجد أننا إما "محلك سر" أو نتقهقر إلى الخلف. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك