سؤالٌ تفجر داخل رأسي فجأةً: من المجرم، نحن أم نظام صالح، أم الصاعدون إلى حتفهم الأخلاقي داخل المكاتب الرسمية، أم الانتهازيون الذين حصدوا الثمار، وادعو النضال؟!. عامان كاملان مرا ورفاق دربنا لا يزالون في غياهب السجون، جعلوا من دمائهم زيتاً يضيء طريق الثورة، لكن الانتهازيين الواقفين في الظلام رأوا الطريق واضحاً حين أشعل الثوار دماءهم، ومضوا مسرعين باتجاه العروش والكروش، ونسوا الثوار في الساحات، والمستشفيات، والسجون، وقارعة البطالة، نسوا الخيمة، والنشيد الملحمي، والضفيرة الصامدة، والطفلة الناضرة، نسوا ليالي الأنين، ولذة الخبز اليابس، والسهر المفعم بالأمنيات، نسوا صلابة: صامدون، ولن نرحل حتى يرحل. نسوا مظهر الصدور العارية والإرادات الصلبة، يوم أن كان “القادة” موزعين في المخابئ أو أحضان زوجاتهم، أو فنادق الإغراءات الرخيصة. رفاق دربنا لا يزالون في غياهب السجون بعد سنتين كاملتين، تنعم فيها الورثة الجدد بكل الامتيازات، نضجت أحلامهم، وطالت أياديهم، وصار لبعضهم جذور في أرض الفساد، وثوارنا يرزحون في الظلام تحت ظروف بالغة القسوة، لا يلامسون الضوء، ولا يذوقون الطعام، ولا تسكن أوجاعهم الأدوية، بعضهم سيخرج محملاً بمرضٍ مزمن، وبعضهم مدمر نفسياً، ويحق لكلهم أن يكفروا بالثورة ومبادئها (إن وجدت). في ال13 من مايو الماضي وجه رئيس الجمهورية النائب العام بالإفراج عن كل المعتقلين من شباب الثورة الذين لا علاقة لهم بتفجير جامع النهدين أو قضايا جنائية، بناءً على مذكرة رُفِعت له من مؤسسة علاو للمحاماة، ورئيس الوزراء سبق وأن وجه بالإفراج عنهم، ووزير الداخلية معترض على حبسهم، ووزيرة حقوق الإنسان تعتبر سجنهم جريمة، والنائب العام قال إن سجنهم غير قانوني، ومدير السجن متألم على وضعهم الإنساني... من سجنهم إذاً، بحق السماء أجيبوا؟!. ليس لهم من عدوٍ غيرنا، نحن من خذلناهم عند منتصف الطريق، ومن بعنا قضيتهم، بعد أن خسرنا ثورتنا، والتضامن والاعتصام معهم الآن لا يعني غير الانغماس في نهر “الثورجية”، لنعلن عن طهارتنا مما أصابهم، بعد أن خذلناهم لأكثر من 700 يوم وليلة، ذاقوا فيها العذاب والقهر والذل والحرمان. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك