في ظل الانتشار المخيف للسلاح وغياب الدولة والانفلات الأمني الذي يزداد انفلاتاً يومياً، وفي ظل انتشار العصابات المسلّحة التي تمارس أعمال التقطع والخطف والقتل والتخريب تستدعي الحاجة للحديث عن قانون تنظيم حمل وحيازة السلاح الذي قدم لمجلس النواب في العام 1997م، ولا يزال حتى اليوم حبيس أدراج المجلس ولا توجد أية بوادر لإخراج هذا القانون الذي أصبح في طي النسيان. الحديث عن هذا القانون يعد مطلباً شعبياً ووطنياً لا ينبغي تجاهله لا سيما في هذه الفترة الانتقالية الحرجة التي يمر بها الوطن..والتي تعد نقطة التحول الحقيقية للانتقال إلى الدولة المدنية الحديثة. فمن الغباء أو السخف الحديث عن الدولة المدنية في الوقت الذي يغرق فيه الوطن تحت ملايين من قطع السلاح بمختلف ألوانه وأحجامه وأشكاله. إن المدنية التي يتم التأسيس لها حالياً ويكثر الحديث حولها تختلف شكلاً ومضموناً عن الواقع الذي نعيشه.. لذلك يتعيّن على أعضاء مؤتمر الحوار أولاً التركيز على هذه النقطة الجوهرية والانطلاق منها لإكمال باقي أسس الدولة المدنية.. لا حديث عن مدنية في ظل هذا الانتشار المخيف للسلاح..ولا حديث عن المدنية في ظل هذا الانفلات وهذا القتل والتقطع والخطف الذي يُمارس وسط المدن الرئيسية وبشكل يومي. ولا حديث عن المدنية في ظل هذا الغياب اللافت للحكومة وأجهزتها الأمنية، وهي الحكومة التي كان ينبغي عليها أن ترسي دعائم الأمن والاستقرار وأن يكون مطلب إخراج قانون تنظيم حمل وحيازة السلاح من مجلس النواب هو من أولوياتها لضمان نجاح التسوية وكل الإجراءات المعتملة لبناء الدولة المدنية الحديثة.. دولة النظام والقانون. كل من يحمل السلاح اليوم يبرر ذلك بغياب الأمن والاستقرار وغياب القانون النافذ الذي يحمي المواطن ويمنع ظاهرة انتشار السلاح. إن المرحلة التي يمرُّ بها الوطن تستدعي من أعضاء مؤتمر الحوار وفي ظل غياب دورالحكومة أن يكون مطلب إخراج قانون السلاح إلى حيز الواقع من أولويات مهامهم لبناء الدولة المدنية التي يتحاورون عليها اليوم. فكل ما يحدث من اختلالات نتيجة انتشار السلاح، ومع ذلك لم نسمع أن أعضاء مؤتمر الحوار الوطني نفذوا وقفة احتجاجية للمطالبة بإنهاء هذه الظاهرة وإخراج قانون السلاح. إن قانون السلاح يعد الأساس لبناء الدولة المدنية الحديثة، أما الحديث عن المدنية في ظل هذا الكم الكبير من السلاح الموجود داخل الوطن والشحنات التي ما زالت تتدفق باستمرار يعد ضرباً من الخيال ومهمة لا يمكن إنجازها. وجود قانون السلاح اليوم وليس غداً سيكون هو الاختبار الحقيقي لكل دعاة المدنية وعلى رأسهم قيادات الأحزاب والمشائخ وكبار المسؤولين.. والتزامهم بما جاء في القانون هو وحده من سيؤكد مدى مصداقيتهم في التوجُّه نحو الدولة المدنية التي يكثرون الحديث عنها! [email protected] رابط المقال على الفيس بوك