المبادرة الشبابية التي تتبناها منظمة شباب ضد الفساد للمطالبة بإنهاء المظاهر المسلّحة وإخلاء تعز من المليشيات والتواجد المسلح تستحق الثناء والدعم والمشاركة كونها تلبي مطالب جميع أبناء محافظة تعز. هذه المبادرة لم تأتِ من فراغ وإنما جاءت لتلامس الواقع المؤلم الذي آل إليه الوضع العام في تعز بشكل خاص وعموم محافظات الجمهورية بشكل عام.. والذي وصل حداً لايمكن السكوت عنه. إن ماتعانيه تعز اليوم جراء انتشار المليشيات المسلحة نتيجة الانفلات الأمني وغياب الإجراءات الحازمة والحاسمة من قبل الأجهزة الأمنية كان هو الدافع الرئيسي وراء تبنّي مجموعة من الشباب لهذه المبادرة في الوقت الذي غاب فيه دور الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الاجتماعية في المحافظة..، وفي ظل ابتعاد وتغاضي خطباء المساجد عن دورهم في التوعية بمخاطر السلاح وانتشاره والمطالبة بإنهاء كل صور وأشكال المظاهر المسلحة رغم الويلات التي سببتها. إن كل أبناء محافظة تعز مطالبون ومعنيون بالتفاعل الحقيقي مع هذه المبادرة وممارسة الضغط على كل من يقف وراء تنامي المظاهر المسلحة التي باتت مصدر خوف وقلق لجميع المواطنين. انتشار السلاح وبهذا الشكل المفجع وفي ظل غياب الإجراءات المنظمة لحمله وحيازته فتح الباب على مصراعيه أمام نمو الجريمة وتفشيها، ودفع بالبعض إلى اللجوء للسلاح بغرض الثأر أو الانتقام أو تصفية الحسابات بعيداً عن الدولة وأجهزتها الأمنية والقضائية التي أصبح دورها بحسب الكثير من المواطنين غائباً أو متراخياً في التفاعل مع قضاياهم وإعادة الحقوق إلى أصحابها!.. ليست تعز وحدها من تعيش أجواء الفلتان الأمني وانتشار المظاهر المسلحة ،بل اليمن كلها..، إلا أن تعز قد تكون الاستثناء ،كون السلاح وانتشاره في أرجائها المختلفة ليس وليد الأمس البعيد بل وليد المرحلة وماسادها وشابها من صراعات ونزاعات ..، ونتيجة لثقافة الكراهية والحقد التي غذّتها بعض الأطراف السياسية خلال الثلاثة الأعوام الماضية ودفعت بأبناء هذه المحافظة المسالمين إلى اقتناء السلاح واتخاذه وسيلة للدفاع عن النفس في ظل غياب الدولة وأجهزتها.. تعز المحافظة الأكثر مدنية ووعياً وثقافة وتحضراً وهي تنبذ وترفض كل صور المظاهر المسلحة ،ويجب أن تبقى مدنية كما كانت وكما عُرفت به بين كل محافظات اليمن. وهذه المظاهر الدخيلة التي استدعاها البعض وفرضها على الواقع وحوَّل معها تعز إلى ساحة للصراع ومكان واسع للهنجمة والاستعراض بالأسلحة على اختلاف أشكالها ومسمياتها يجب أن تنتهي وتختفي تماماً ،لتعود تعز إلى مدنيتها وثقافتها ولتبقى ساحة ومنارة للعلم والمعرفة لا ساحة ومعرضاً لعرض وإبراز الوجه المتخلف الذي كان سبباً رئيسياً في تأخر اليمن عن بناء الدولة المدنية الحديثة.. دولة المساواة والعدالة الاجتماعية والحكم الرشيد وإعلاء النظام والقانون. يجب أن تختفي كل المظاهر المسلّحة عن تعز وعن كل محافظات الجمهورية.. وتنتهي هذه الثقافة المتخلّفة التي استبدلت العلم والقلم بالرصاصة والسلاح! ويقيناً مالم يتم التفاعل مع مثل هذه المبادرات التي تعزز من روح المدنية وتستدعي الدولة للقيام بمهامها والضرب بيد من حديد على كل من يفكر أو تسوّل له نفسه العبث بأمن واستقرار البلد والسكينة العامة للمواطنين - مالم يتم ذلك - فلا غد أفضل ولا مستقبل لليمن واليمنيين!.. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك