تابعت عن كثب واهتمام أحداث الثورة السورية، وطالما عارضت الشارع العريض المؤيد لهذه الثورة بأنها ثورة لإسقاط النظام، وأرى في ذلك تحجيماً لهذه الثورة التي شغلت العالم وأدمت قلوب الملايين فيما يزيد على العامين والنصف، والصواب في رأيي أن الثورة السورية قبل إسقاطها النظام كما يريد لها السوريون أراد لها الله نبش النوايا الدفينة وإسقاط الأقنعة الزائفة. فقد أسقطت القناع عن وجه الطائفية المقيت الذي تنتهجه وتغذيه إيران بأذرعها الطويلة في العالم العربي (لبنان – سوريا - العراق - البحرين – اليمن)، وصرنا آسفين نرى الحديث عن التقارب بين السنة والشيعة في ظل الضعف العربي نوع من التخدير للشعوب يصب في مصلحة المشروع الإيراني التوسعي سياسيا وطائفيا. - وأسقطت القناع عن وجه المقاومة الملوث الذي ظلت تتغنى به (إيران – سوريا – حزب الله) أو جبهة الممانعة كما يحلو لهم أن يسموا أنفسهم، وظهر لنا أن عداءهم لإسرائيل قطرة في بحر عدائهم لرغبة الشعوب في الحرية والكرامة ، كما ظهر لنا أن مقاومتهم للعدو الصهيوني مشروط بتسلطهم واستعبادهم لشعوبهم . - وأسقطت القناع عن وجه الاستبداد القبيح الذي لا يتورع فيه الطاغية عن قتل الأبرياء، وذبح الأطفال، وقصف المنازل، واغتصاب النساء، وحرق الأحياء، ونشر الرعب، وإفزاع الآمنين، وتشريد الساكنين، وقطع كل أسباب الحياة، كل ذلك لأنهم أرادوا حكم الشعب لا حكم العائلة، وقوة القانون لا قانون القوة، وحق المعارضة لا معارضة الحق. - وأسقطت القناع عن وجه الاستعمار الغاصب الذي طالما تغنى علينا بالقيم الجميلة (الحرية – المساواة – الإخاء – حق الشعوب في تقرير المصير ...)، غير أن الأنظمة الغربية وفي مقدمتها أمريكا لم يجدوا لهذه القيم مكاناً في سوريا عندما تعارضت مع مصلحة الكيان الصهيوني ومطامعهم في المنطقة العربية التي بدأت بالاستعمار واستمرت بدعم الاستبداد، فهم يريدونها قيماً تخدم مصالحهم أكثر من كونها قيم تخدم مصلحة الإنسان أيا كان موقعه وثقافته. - وأسقطت القناع عن وجه الإرهاب الدموي فقد أثبتت لنا الثورة السورية أن الذي يصنع الإرهاب ليس الأديان وإنما يصنعه الاستبداد الذي يضطهد الشعوب، والاستعمار الذي ينهب الثروات، والطائفية التي تستبيح المخالف، فالقضاء على ثلاثية الشر (الاستبداد – الاستعمار – الطائفية) مقدمة ضرورية للقضاء على الإرهاب ونشر ثقافة السلام والتعايش. - وأسقطت القناع عن وجه المدنية الزائف الذي طالما تشدق به علينا كثير ممن يصفون أنفسهم بالمثقفين و الناشطين ودعاة الحقوق والحريات ثم تندهش اليوم وأنت تراهم يعلنون بوقاحة ودون أدنى حياء مساندتهم وتأييدهم لنظام إجرامي يقتل شعبه بالسلاح الكيماوي، ويقصفهم بالطائرات، ويدمر بلاده بحجة القضاء على الإرهاب والانتصار للمقاومة، وأخاف أن يرى شعبي هؤلاء الوقحين فيلعن المدنية والثقافة. - وأسقط القناع عن كل الشعارات الخادعة، فما أكثر ما صدع الطائفيون رؤوسنا بالصرخات (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل)، وكانت ثمار هذه الشعارات أن حصد الموت مائة ألف قتيل في سوريا على أيدي الجيش الأسدي وشبيحته والجيش الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله، وعداد القتلى لم يتوقف بعد ولا ندري متى يتوقف؟ وردنا على هؤلاء (الموت للطائفية الموت للاستبداد). - ما رأيكم؟ ألم أكن صادقا فيما بدأت به؟ (ثورة سوريا لم تكن لإسقاط النظام)، (بل هي ثورة لإسقاط القناع )، بل إسقاط كل الأقنعة، ومع السوريين نهتف فنقول (يا الله مالنا غيرك يا الله). رابط المقال على الفيس بوك