بالرغم من مرور تسع سنوات على مقتل حسين بدر الدين الحوثي، إلا أن مراسيم تشييع جنازته، والحشد الذي جرى تجييشه، ولجان التنظيم والحراسة وملابسها الشبيهة بحالة مهرجانات حزب الله في لبنان, توصلنا إلى طريق واحد هو أن اليمن “الطائفي” أو أن توازنات التيارات الطائفية هي من ستصبغ شكل الحياة السياسية في اليمن مستقبلاً. جميعنا يدرك أن ذلك الزخم الحوثي ليس دليلاً على تحرك قوي للجماعة بمفردها وإنما مسنود بروافد تيارات ليس بالضرورة أنها حليف استراتيجي للحوثيين ولكن على الأقل هي على خصومة تاريخية مع جماعة الإخوان المسلمين الممثلة في حزب التجمع اليمني للإصلاح. والمفارقة العجيبة أنه فيما مضى كان بعض اليساريين والقوميين من ناصريين وبعثيين، فضلاً عن تيار الهاشميين، ونتيجة لضعف أحزابهم في مواجهة تيار الإخوان الجارف, كانوا يتدفقون على تنظيم المؤتمر بناء على رغبة مشتركة, ويعتبرون أن هذا التنظيم الكبير خير سبيل لخوض معركة مع خصم إيديولوجي لدود كالإسلاميين. أما اليوم وليس هذا افتراء تؤكد الشواهد على أن حزب المؤتمر الشعبي وقيادته أصبحت تركب موجة الحركة الحوثية كسلاح إيديولوجي في معركة مستمرة مع خصم عقائدي كتيار الإخوان. والمهم أن مهرجان التشييع كما هو من قبل مهرجان المولد النبوي بالنسبة للحوثيين ومهرجانات الحراك في ذكرى إعلان البيض فك الارتباط الذي صادف 21مايو وقبله مهرجان التصالح والتسامح في 13 يناير وغيره, جميع هذه التحركات واستعراض القوة هنا وهناك في وقت لا تجد الدولة مناصاً من التعايش معها والقبول بها كأمر واقع, كل ذلك يعني أننا مقبلون على دولة إذا قُدِّر لها أن تبقى موحدة أو اتحادية فهي ستكون دولة طوائف يعتمد فيها الاستقرار على التعايش والتوازنات والترضيات فقط. في يوم 28 يونيو 1999 احتضنت صنعاء مؤتمر الديمقراطيات الناشئة, وأتذكر أن الرئيس السابق علي عبدالله صالح قال حينها إنه استغرب من عدم مشاركة لبنان، فأخبره شركاء تنظيم المؤتمر - الذين يمثلون منظمة ديمقراطية دولية لا أتذكرها أخبروه أن لبنان تشكل حالة ديمقراطية قائمة على المحاصصة الطائفية وليس مبدأ الأغلبية والأقلية. أما اليوم فأصبحنا أو على الأقل نتجه عملياً لأن نكون حالة مشابهة للحالة اللبنانية, والأخطر هنا ليس تشكيل حكومات توافقية قائمة على تقاسم الحقائب الوزارية كمحاصصة أو تقاسم المناصب العليا فحسب, وإنما يعني ذلك أن مبدأ الكفاءة والقدرة التي نطالب بأن تكون هي معيار التعيينات في الوظائف والمناصب لن يكون لها محل من الإعراب, وإنما الانضواء في إطار تيار سياسي أو حركة مذهبية أو مناطقية أو خلاف ذلك هو بوابة العبور إلى الوظيفة والمنصب، ودون ذلك فأنت صفر على الشمال. إذا لم تتمترس لتيار داخلي وتنحاز في حديثك لقوة إقليمية معينة فأنت خارج الزمن اليمني الراهن. رابط المقال على الفيس بوك