لم أرَ في تشييع جنازة حسين الحوثي غير إعلان ميلاد نظام يسعى للاكتمال، شواهده الطقوس وحضور المندوبين المبتعثين فمنذ إخراج رفات حسين الحوثي وتسليمه لأهله استعدت “الجماعة” لإخراج التشييع بصورة ذات مضامين ودلالات بالغة الخطورة. صحيح أن جزءاً من سبب التأخر كان بانتظار التأكد من فحص DNA في بيروت، خلال يناير الماضي، وكان مطابقاً، ثم إعادة الفحص في ألمانيا في مارس الماضي، وكانت النتيجة مطابقة للأولى، ثم التأخر في إعلان موعد التشييع حتى 5 يونيو الماضي، وسط حفل مهيب، تجاوز عدد حضوره ال100 ألف مشيع. استعيد الآن صور الجنازة المحمولة فوق أكتاف 6 أفراد بزي مشابه لزي “حرس الشرف” وخلفهما اثنان بنفس المظهر، والجميع يمشي بخطى عسكرية فوق سجاد أحمر، وعلى الجوانب حراسات أمنية بملابس زيتية وجاكية، وأخرى فوق سيارات شبيهة بسيارات النجدة، وأطقم عسكرية عليها شعار الصرخة. وجاء ظهور “عبدالملك الحوثي” وسط حراسة ترتدي بدلات أوروبية داكنة من غير “ربطة عنق”، كالتي تقف خلف حسن نصرالله، وحراسة أخرى بملابس حرس “الباسيج” الايراني، وهي بدلات عسكرية سوداء، بإشارات صفراء فوق أكتافها، وكل تلك الطقوس: حمل الجنازة ومراسم التشييع والسجاد الأحمر وملابس من حملوا الجنازة، وظهور أمن الجماعة وجيش الجماعة، كلها مظاهر لا تشي بوجود جماعة دينية، تريد تشييع جنازة رجل دين، أسس لحركة دينية تزحلقت إلى العمل العسكري، ثم تطلعت إلى الحكم كحق إلهي محصور بأسيادها. وتحديد الموعد لم يكن عفوياً، أو من أجل تزامنه مع ذكرى المناسبة الدينية الإسراء والمعراج، بل كان أبلغ في الدلالة، إذ جاء التشييع قبل يومين من موعد الجلسة النصفية الثانية لمؤتمر الحوار الوطني، والتي سيتم فيها تقديم تقرير متكامل عن عمل المرحلة النصفية الأولى، وكل ما سيرد في التقرير هو ما سيترتب عليه عمل المرحلة القادمة، ومن المؤكد أن التقرير أو مؤتمر الحوار بجملته سيخرج بنتائج أهمها التأكيد على أن تبسط الدولة كامل سيادتها فوق كامل أراضيها، وأن تكون هي المالك الشرعي والوحيد للسلاح، لذا استبقتها الحركة الحوثية، بعرض يؤكد أن مسألة تسليم السلاح للدولة ليس أمنية فقط، بل خارج حدود الأمنيات. وقبل ذلك سربت الحركة مقاطع مصورة لعرض عسكري، يبدأ فيه “حارس الشرف” بالتقدم نحو المنصة، يهتف: سيدي ومولاي العرض جاهز للتفتيش... مقدم الطلب..!!، ثم ينهض عبدالملك الحوثي يشير بيده إلى الأذن. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك