الأحداث المحتدمة في تركيا تتطلّب إعادة قراءة أفقية للمعطى السياسي التركي الذي تميّز بخصال إيجابية لا ينكرها أي منصف؛ لكنها بالمقابل التبست بعديد الاستحقاقات الثقيلة التي كان لها أثر مؤكد على ما يجري اليوم، ولتفكيك المعادلة السياسية التركية منهجياً، من الضرورة بمكان استعادة بعض المحطات المهمة في التاريخ السياسي لتركيا المعاصرة، والنقطة المفصلية في تلك المحطات هي علمانية مؤسس الدولة التركية الحديثة كمال أتاتورك، الخارج من تضاعيف التجربة العسكرية السياسية لخواتم الامبراطورية العثمانية. لقد تحوّلت رؤية ومبادرة كمال أتاتورك إلى كيمياء سياسية مجتمعية تميّزت بها تركيا في إسلاميتها وأوروبيتها أيضاً، وكانت النتيجة أن تموضعت تركيا في قلب المعادلتين الإسلامية والأوروبية؛ ذلك أن إسلام تركيا يتصل بمكانة الامبراطورية العثمانية في عالم ما قبل الحرب العالمية الأولى، بالترافق مع السلطة الدينية الناجزة، وشاهدها الأكبر العلامة بديع الزمان النورسي، وبالمقابل كان لحضور تركيا في السوق الأوروبية المشتركة، فحلف شمال الأطلسي، وحتى الوعود المتقادمة للالتحاق بالاتحاد الأوروبي تعبير مباشر عن فضاء تركيا الأوروبية. ومن المثير اليوم أن الاتحاد الأوروبي لم يعد يمثّل مكسباً لتركيا التي سجّلت معدّلات نمو متصاعدة، ونجاحات واضحة، حتى إنها تصنّف بوصفها عاشر أكبر اقتصاد في العالم المعاصر، وتجاوزت في فتوتها الاقتصادية عشرات البلدان الأوروبية التي تئن تحت وطأة الأزمة.. وغداً للحديث صلة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك