الكتب المصنفة في الحديث النبوي كمسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرها من كتب الصحاح والسنن والمسانيد من الخطأ النظر إليها على أنها تمثل مذهباً بعينه؛ لأنها في واقع الأمر تمثّل دواوين الإسلام ومصادره ومواريثه الكاملة، ولا أدل على ذلك من أن جميع المذاهب الإسلامية تنهل منها وتستدل بما جاء فيها. فهي إذن ليست كتب(مذهب أهل السنة)كما يتصور البعض، ولكنها بمجموعها تشكل مواريث الإسلام الكاملة في العقيدة والشريعة، وكلٌّ يأخذ منها بحسب فهمه أوبحسب هواه. ونفس الأمر ينطبق على المصنفات في السيرة والتاريخ كسيرة ابن إسحاق وابن هشام وتاريخ الطبري، والبداية والنهاية لابن كثير، والمنتظم لابن الجوزي ونحوها من المصنفات في السيرة والتاريخ، فهذه المصنفات استوعبت كل ما قيل في تاريخ الأمة، فهي تاريخ عام جامع، وفيها الغث والسمين، والفاسد والصحيح، ومن الخطأ النظر إليها على أنها تمثّل مذهباً بعينه هو مذهب أهل السنة، ولا أدل على ذلك من أن المذاهب والفرق كلها تجد في تلك المصنفات ما تستدل به وعن طريق رواتها! وإذن فنحن أمام دواوين الإسلام في العقيدة والشريعة والتاريخ، وذلك لا غرابة أن تمثل تلك الدواوين القاسم المشترك بين المذاهب والفرق الإسلامية على اختلافها، وأن يجد فيها كل مذهب أشياءً تؤيد ما معه من الحق. ومن يتأمل في تلك المصنفات يرى إنها لم تكتب بباعث الانتصار لمذهب بعينه، أو بباعث في الطعن في المخالفين، أو التنظير لأصول فكرية جديدة، كما هو الشأن في المصنفات المؤدلجة مذهبياً، وإنما كان باعثها جمع مواريث الإسلام كاملة في العقيدة والفقه والأخلاق والتاريخ على ما بها من تنوع وتعدد، فجاءت معبرة عن ذلك كله، وإذا فهم أتباع المذاهب هذه الحقيقة سيدركون أن كثيراً من جدالهم وإلزاماتهم واحتجاجهم بما حوته هذه المصنفات باعتباره احتجاجاً بما(عند المخالفين) ليس سوى جهالاتٍ رديئة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك