كنّا قد توقّفنا في مقالات سابقة حول بعض المقدمات الأساسية التي حدّدت مكانة تركيا الجيوسياسية في العالم المعاصر، وتحديداً ما يتعلق بالديالوج العسير بين الإسلام التاريخي والغرب السياسي الديني، كما توقفنا أمام متوالية التحولات في الإسلام السياسي التركي بمحطاتها الثلاث التي بدأت مع حزب الرفاه الإسلامي بقيادة نجم الدين أربكان، ثم حزب الفضيلة الذي تخلّى طواعية عن اسمه ليكون حزب العدالة والتنمية الحاكم حالياً. تلك المحطات كانت ولاتزال لها أهمية بالغة في تشخيص الحالة التركية، وخاصة ما يتعلّق منها بثنائية الإسلام السياسي الرشيد والديمقراطية المحسوبة حصراً على النموذج الأوروبي، وقد لاحظ المراقبون المتابعون للحالة التركية تفرد تركيا بنمط مغاير للإسلام السياسي المألوف في دوائر الحكم والمعارضة في البلدان العربية، كما لاحظوا تفرد تركيا في النموذج الليبرالي الأوروبي من حيث تخليها المنهجي عن اللهاث وراء الاتحاد الأوروبي؛ ولكن دون أن تغلق الملف بجفاء قصير النظر، كما تتبع المراقبون الرهان الاستراتيجي لحكومة أردوغان على التنمية الداخلية في تركيا والتي أنجزت ملحمة نمائية مشهودة خلال عقد من الزمان، ومازالت تعد بالكثير على ذات الدرب الذي ثبت أنه درب الحكمة والروية والنظر العميق إلى الخيارات الاقتصادية المتاحة. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك