مما لا جدال فيه أن تركيا اليوم تختلف عن تركيا الأمس وعلى كافة المستويات، ولا شك أن تركيا في ظل “ حزب العدالة والتنمية” بقيادة “ رجب اردوغان” ولجت باباً جديداً في الحياتين السياسية والاقتصادية، لكنها لم تغادر الماضي العلماني الديمقراطي كما يتوهّم البعض، فحزب العدالة والتنمية خاض كفاحاً مريراً ومديداً قبل أن يصل إلى سدة الحكم، وارتكز في كفاحه على اللعبة الديمقراطية التعددية، وناور وداور، وتقمص من الأسماء والصفات ما يستحق التوقف قليلاً. كان الزعيم الأشهر للحركة الإسلامية التركية الرشيدة «نجم الدين اربكان» أول من باشر مشروع النظر إلى تركيا الجديدة في أفقها التاريخي وخصوصيتها، دونما رفض مسبق للعلاقة الخاصة بالأطلسي وأوروبا الغربية، وقبل حين قام نجم الدين اربكان بوصفه رئيساً للوزراء وزعيماً ل “ حزب الرفاه “ الذي دأبت الأوساط اليمينية التركية على وصفه بالحزب الإسلامي السياسي .. قام اربكان بالاتجاه جنوباً، وبتسارع أفضى إلى انتباه ترويكا الجنرالات العتاة الذين احتكروا فكرة حماية النظام العلماني الأتاتوركي، فجاءت النتائج وبالاً على اربكان وحزب الرفاه، حيث أقيل من منصبه، ومُنع الحزب من مزاولة نشاطه، وقد كان المراقبون يتوقعون أن حزب الرفاه سينتهي وينحسر، غير أنه استبدل الاسم وأبقى المضمون في إشارة غير مسبوقة لنوع من البراغماتية الذكية، وهكذا أصبح الاسم الجديد «حزب الفضيلة»، لكن مطاردة الجنرالات واليمين التركي، وبعض القومجيين الطورانيين المتعصبين جعله مجدداً يتحول ويغير اسمه إلى اسم « حزب السعادة » على أمل أن تتوقف الحملات الإيهامية ضده بوصفه مشروع حزب إسلامي سياسي، غير أن الجنرالات ومن معهم من اليمين التركي لم يتوقفوا حتى فاضت قريحة شباب الحزب بتسمية جديدة ونهج أجد، فجاء حزب العدالة والتنمية بزعامة رجب اردوغان و ... وبدأ مشروعاً جديداً. [email protected]