من السذاجة بمكان افتراض أن صراع الأمس القريب في تركيا قد خبا وتلاشى، وأن المتضرّرين من سياسات "العدالة والتنمية" قد استسلموا، خاصة إذا عرفنا أن سدنة الرأسمالية المتوحشة ليسوا كياناً محلياً؛ بل طواغيت دوليين يستمدون قوتهم من بورصة (وول استريت) العتيدة في نيويورك، ويعتقدون أن النظام النقدي الدولي ليس بحاجة إلى أي تعديل، إنهم الحراس الميامين للنظام النقدي الدولي المهيمن على مقدّرات البشرية، والذي استمد عنفوانه المتوحش من اتفاقية الظفر العسكري الرأسمالي بعد الحرب الكونية الثانية، وتحديداً في قرية (بريتن وودس) الأمريكية. ومن الجدير بالإشارة هنا إلى أن معركة أردوغان مع هذا النمط من المافيا المالية المخملية لا يختلف عن ذات المعركة التي يخوضها الرئيس الأمريكي أوباما الذي صرّح أكثر من مرة وبنبرة صادرة عن حقيقة أن محنة الاقتصاد الأمريكي نابعة من البنوك، وفيها مكمن الداء والدواء. اليوم تواجه تركيا حالة مشابهة، في تعبير آخر عن مشكلة تتجاوز ظاهرها المرئي، لتكشف عن خفاياها القادمة من حراك محموم للأوليغاركيا المالية التي تتحسّر على أمجاد ماضيها القريب. يوم أن كانت الطبقة الوسطى تنحدر، ويزداد الفقراء فقراً، فيما يتعملق المال الفاجر دونما نظر إلى معنى التنمية الحقيقية، وجوهر الاستحقاقات الوطنية النبيلة أمام تركيا الكبيرة. المظاهرات والاحتجاجات الماثلة تنطوي على هذه الحقائق، حتى وإن باشرها مجاميع من (المؤلفة قلوبهم) على نغمة الحرية المبتذلة، والديمقراطية الزائفة. مصائر الحالة التركية ستكتشف حتماً خارطة جيوسياسية أوروبية وعربية وآسيوية وإفريقية أيضاً، والأيام سجال. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك