دعوة المحطوري للجهاد كفرض عين: حماقة متنامية، توالي العنف، كما تضيّق الخناق على خطاب الرشد السياسي المأمول. وأستغرب كيف تحبذ جماعة الحوثي ارتفاع نبرة خطابها الجهادي في هذا الوقت بالذات، بينما صار الاحتكام للسياسة محل إجماع وطني. غير أنه الخطاب المأزوم الذي كان شدد عليه عبدالملك الحوثي في مقولته الشهيرة «علينا مواصلة الخط الجهادي» . الخطاب الذي جدد الدعوة إليه «المحطوري» نهاية الأسبوع الماضي خلال خطابه المحتدم بساحة التغيير بصنعاء، كما شدد عليه أيضاً، في ظل حشود استعراضية غفيرة لجماعة «أنصار الله» كانت بتوتر عصبي ملفت تكلله بصرختها المعروفة.. والمؤكد أن أجندة الجهاد نرفضها من الحوثي، كما رفضناها من القاعدة وصحابتهم، بل إننا نستنكرها من الحوثي اليوم وأشياعه؛ كونه أكثر قابلية حد زعمه للتحول لمشروع سياسي، إضافة إلى أنها أجندة ستدحض تماماً مظلمته التي يزعمها بالطبع. وبالنتيجة؛ ستجعله بنفس الرؤيا الاستغلالية للدين من أجل مصالح شخصية مهووسة باستعادة حلم الإمامة البائد، بل لعل استمرار تلك الأجندة المهلكة بالنسبة للحوثي مستقبلاً، ستقوض - بالضرورة - كل ما اعتقد أنه راكمه خلال السنوات الماضية من تعاطف شعبي مثلاً جراء حروب الدولة معه على أرض صعدة «ضحية الجانبين»، بينما لا يليق بالحوثي تضييع فرصة الاندماج الوطني حالياً، وتحويل جماعته إلى حركة سياسية ضد العنف، وإظهار مشروعه السلمي في إطار الدولة الوطنية والمواطنة المتساوية التي ضحى من أجل حلم تحققها غالبية اليمنيين، وصولاً إلى اعتذاره الموضوعي المفترض لصعدة ومهجريها، كذلك بعد اعتذار الدولة وتعويضها للمتضررين من تلك الحروب العبثية التي لم يستفد منها غير تجار الحروب الأوغاد، وكانت ساهمت بشدة في تمزق النسيج الوطني فوق ما هو عليه من اهتراءات وخلخلات.. على أننا نعيش حالياً بين كماشة تيارات الإسلام السياسي العنيف للأسف، التيارات اللاعقلانية القائمة على التجهيل والتخلف والاستغلال السياسي للدين، فضلاً عن أنها تيارات ضد الصيغ المدنية والتنويرية والتقدمية والوطنية والمواطناتية المنشودة، ولا تنطوي بالمقابل إلا على مشاريع التدميرات والكراهيات المجتمعية فقط. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك