ودّعت البلاد ظهر الجمعة المنصرم, واحداً من أدبائها وشعرائها الغنائيين الذي طالما تغنّى وترنم بمعشوقته(اليمن).. إنه المرحوم والعزيز على كل قلوبنا ونفوسنا الأستاذ/محمد عبدالباري الفتيح.. الفتيح, هذا الإنسان الذي كان يمثل لمدينة تعز, الإنسان المسالم الودود والمرح والمتفائل في أحلك الظروف والأيام, لقد كان الفتيح كتلة من الود والسلام وحب الآخرين. لقد كنا فيما مضى من عقود حياتنا المنصرمة نردد عبارات الزمن الرديء وندين أيامه وماجلبته علينا من الإحن والمشكلات.. إلا أننا نكتشف اليوم ونرى من أن رداءة هذا الزمن السيء وإفرازاته التي حاقت بنا وبالعديد من أقطار الوطن العربي من أنها بهذه المرة رداءة من نوع وطراز جديد.. إنها رداءة اختلفت ألوانها ومراميها وأشكالها عن كل ماكان سائداً ومعروفاً بين الشعوب والأمم.. إنه زمن اختلطت فيه الأوراق والعملات النقدية الصحيحة بالمزيفة المضروبة.. وبدا الباطل كما لو كان حقاً والباطل الذي يفترض أن نزهق أنفاسه أخذ ينصب نفسه مكان الحق فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. ولهذا وفي خضم هذه الأجواء الملوثة بات من الصعب والعسير على أمثال هؤلاء أصحاب النوايا الطيبة والنفوس الخيّرة, والأذواق المرهفة ذوي الأحاسيس الرقيقة, والمشاعر الحضارية بات من الصعب عليهم العيش والبقاء في وسط هذه الأجواء المملوءة بمساحات من الأوحال والمستنقعات المليئة بالثعابين والتماسيح المفرزة لكافة السموم فبات من العسير على أمثال هؤلاء العيش والبقاء في حياة تغص بهذه المخلوقات.. عندما زرت المرحوم في ثالث يوم لدخوله المستشفى وكان غارقاً في غيبوبته بسبب الجلطة التي ألمت بدماغه, أحسست يومها بإحساس غريب, وكيف أن هذا الذي كان يملأ المكان حيوية ونشاطاً بات هكذا فجأة يستسلم لقضاء الله- الذي لاراد لقضائه. تغمد الله الفتيح بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته وأحر التعازي لأهله وذويه وللولد مطر الذي أتمنى له عمراً مديداً ومستقبلاً أكثر إشراقاً وإنا لله وإنا إليه راجعون.. وإذا كان من كلمة أخيراً بهذه المناسبة الأليمة فهي هذه الأبيات للأخ عبدالسميع شريح: جبل صبر قا نَّكس المشاقر وأعلن حداده في الصباح باكر وأن انة هزَّ ت المعافر- وأغرقت سامع بحزن حائر والصلو نادى ماجرى لصابر؟ ردت عليه ذبحان بصوت حائر ابن الفتيح سيب المحاجر وسيب الهيجة لوحش كاسر؟ خلا تعز تبكي بدمع غازر ياوحشتي من غيبة المسافر رابط المقال على الفيس بوك