تعد النقاط العشرون محل إجماع وطني. النقاط التي مهمتها إزاحة تركة الإرث الثقيلة جداً للنظام السابق من أكتاف اليمن الأكثر من منهكة الآن. ويجمع مراقبون على أن نقطة الاعتذار باسم الدولة عن أخطائها في الجنوب وصعدة تمثل أهمية كبرى في طريق حل الإشكاليات العالقة، وجبر الضرر الوطني. غير أنه لم تنفذ من النقاط العشرين منذ طرحها قبل أكثر من 10 أشهر سوى خطوات هامة في عملية هيكلة الجيش، لكنها غير مكتملة، إضافة إلى تشكيل لجنتين لمعالجة الأوضاع في الجنوب هما لجنة معالجة قضايا المبعدين عن وظائفهم في المجال المدني والأمني والعسكري, ولجنة معالجة قضايا الأراضي بالمحافظات الجنوبية, وقد تسلمتا عشرات الآلاف من التظلمات. والاثنين الماضي أصدر رئيس الجمهورية توجيهاته بتنفيذ النقاط العشرين التي أقرتها اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار، إضافة إلى تنفيذ النقاط ال«11» التي أقرها فريق القضية الجنوبية. نصت توجيهات هادي بأن تتولى الحكومة البحث عن التمويل الكافي للاستحقاقات المترتبة على التنفيذ عملاً بما ورد في الفقرة (27) من الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية. بينما تأتي التوجيهات استناداً إلى القرارات والتوصيات الواردة في تقرير ونتائج توصيات المرحلة الأولى لمؤتمر الحوار الوطني الشامل. إثر ذلك شكلت الحكومة أمس الأول لجنة وزارية مكونة من 12 وزيراً؛ لمراجعة ما تم تنفيذه من النقاط العشرين، وإعداد مصفوفة للإجراءات التنفيذية لبقية المواضيع التي لم تنفذ ضمنها والنقاط الإحدى عشرة. كانت اللجنة الفنية أقرت عشرين نقطة كشروط للتهيئة للحوار الوطني قدمها الحزب الاشتراكي كممهد موضوعي لعملية الحوار نفسها وكرؤية واقعية لحل الإشكاليات والأزمات والقضايا المتراكمة في البلد. والمعلوم أن النقاط العشرين حازت على توافق كل القوى السياسية الممثلة في اللجنة الفنية للإعداد والتحضير قبل 10 أشهر: (مؤتمر، إصلاح، اشتراكي، ناصري، حوثي، شباب، نساء، مجتمع مدني). فضلاً عن أنها قوبلت بترحيب وطني وبارتياح شعبي كبير. إلا أن استمرار المماطلة في تنفيذها كان هو القائم على مدى شهور. والثابت أن جل النقاط ال 31 تستهدف استعادة الدولة لمكانتها وإحلال العدالة للولوج إلى مرحلة اليمن الجديد كما ينبغي. تذكيراً.. لطالما شهدت البلاد خلال الفترة الماضية عشرات وقفات احتجاجية؛ جراء تأخر تنفيذ النقاط العشرين، إضافة إلى مطالبات حثيثة بخطوات عاجلة لتنفيذها بشكل فعلي؛ لما تمثله من استحقاقات لا يمكن التنصل عنها. كانت المؤشرات حينها تؤكد على أن الرئيس محاط بتعقيدات وضغوطات شتى أبرزها مراكز القوى المهيمنة بالبلد ذات المصلحة في عدم تنفيذ عديد نقاط، رغم وجود مركز الثقل لقرارات الرئيس شعبياً ودولياً بشأن تنفيذ النقاط العشرين، ما يعني أنها قرارات الفرصة التاريخية، الفرصة التاريخية كإحدى ثمار عملية التغيير التي ضحى اليمنيون من أجلها كثيراً. والحاصل أنها اليوم تمثل المهمة الوطنية المِحوَرية المطروحة أجندتها على طاولة الرئيس والحكومة. كذلك ينبغي على الدولة تحسين أدائها وإنجاز خطوات فعلية لا شكلية على أرض الواقع. فالقضايا الحقوقية مثلاً لا تحتاج إلى حوار بقدر قرارات سياسية جريئة وعادلة ومحترمة. بينما لا يمكن التصدي لحل الملفات الوطنية الثقيلة دون نوايا وطنية مسؤولة وصادقة، لها أن تجد التفافاً شعبياً واسعاً لتؤدي الوئام الوطني المطلوب، تجسيداً للتطلعات المنتظرة منذ زمن. وبالمحصلة: لا مجال لتراكم أخطاء السياسات، كما لا مجال للسياسات المتقاعسة أو المترددة في هذا السياق من الآن وصاعداً. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك