حتى وإن كان بيان مؤتمر الحوار الوطني غير ملزم ولاهو قانون يعمل به، إلا أنه تمهيد لما يمكن أن يكون دستوراً أو قانوناً سارى المفعول في المستقبل القريب، ومن أجل ذلك فقد أصبنا نحن معشر النساء بخيبة أمل كبيرة لتجاهل البيان الختامي للجلسة الثانية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل أهم المطالب الحقوقية التي تنادي بها المرأة اليمنية وتناضل للحصول عليها ،وبفعل فاعل أسقط هذا الحق ولم يتضمن البيان الختامي أي إشارة تذكر حول قانون «الكوتا» كمقترح يتم بموجبه تخصيص نسبة من المقاعد في مجلس النواب والمجالس المحلية للمرأة.. ومهما كانت المبررات وراء هذا التجاهل المقصود من قبل مؤتمر الحوار وأمانته العامة، فما حصل هو استهداف واضح للمرأة ومؤشر خطير يكشف النوايا المبيتة لأطراف سياسية تعمل من وراء الكواليس لإقصاء المرأة وتهميشها والحيلولة دون حصولها على أي حقوق في الدولة الجديدة تحت ذريعة التحريم والتقاليد المجتمعية التي تحد من مشاركة المرأة. هذه الأطراف السياسية والتي يأتي في مقدمتها حزبا التجمع اليمني للإصلاح والرشاد السلفي وهي أحزاب معروفة بمواقفها المعادية للمرأة والرافضة إعطاءها أي حقوق ،خصوصاً حقها في المشاركة بالعملية الديمقراطية بشكل أوسع ووجودها كمرشحة وليست ناخبة فقط.. وكما هو معروف أن مشائخهم قد أعلنوا عن مواقفهم منذ وقت مبكر وقال بعضهم بتحريم وصول المرأة إلى مجلس النواب، كما لايجوز جلوسها إلى جانب المشائخ تحت قبة البرلمان ورأوا أنه من غير الجائز شرعاً أن يقف مشائخ ورجال دين في طوابير طويلة لانتخاب المرأة ،لأن هذا يعتبر انتقاصاً من مكانتهم الدينية والاجتماعية، فالمرأة من وجهة نظرهم لاتستحق هذا العناء وكل هذه التنازلات من الرجل. نعم إن ماحصل حتى وإن تم تصحيحه ماهو إلاتكريس لهيمنة الرجل واستخفاف بالمرأة وحقوقها، ليس من حزب الإصلاح وحزب الرشاد فقط وإنما أيضاً من جميع الأحزاب بما فيها الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام والتنظيم الناصري الذين يدعون أنهم أنصار للمرأة وداعمون لها ومع إعطائها كافة حقوقها دون انتقاص، كل هؤلاء رغم علمهم أن الديمقراطية والمرأة وجهان لعملة واحدة إلا أنهم وافقوا على إسقاط نص «الكوتا» وهم يعلمون أن هذه الخطوة تمهيد لتغييب المرأة وتهميشها من الشراكة الحقيقية في بناء الدولة المدنية الحديثة القائمة على المساواة والعدالة الاجتماعية لكل فئات المجتمع، وهذا مالا نقبل به ولن نرضى أن تبقى المرأة مجرد ظاهرة صوتية وكرتاً يستخدمة الرجل لتحقيق مصالحه فقط. أعود وأقول إن كان ممثلو تلك الأحزاب التي كنا نحسبها تقف إلى جانب المرأة وتدعم مطالبها وتؤيد حصولها على كافة حقوقها المشروعة، قد كانوا على علم بهذا الخرق الفاضح والسطو على حقوق المرأة، فتلك والله مصيبة تضع المرأة أمام مستقبل مجهول فعلاً.. أما إن كان قد تمت صياغة البيان الختامي وتوزيعه على المشاركين وعلى المواقع الإخبارية دون علمهم فالمصيبة أعظم تجعلنا على يقين أن ماحصل في البيان الختامي للجلسة الثانية لمؤتمر الحوار سيتكرر أيضاً عند صياغة الدستور الجديد وعند إعداد القانون الخاص بالانتخابات ،لأن الرجل يعتبر تهميش المرأة واجباً دينياً ووطنياً لايمكن التفريط فيه. رابط المقال على الفيس بوك