«2» إن الحديث عن أي مشروع تحرُّر من الوصاية أو الظلم يعني أن يكون هناك تحول في مسار فكر وثقافة المجتمع من التخلف إلى التقدم, ومن الظلم والوصاية إلى الحرية و التحرر, وهذا ما يعني أن يكون هناك حراك ثقافي ومعرفي يسبق هذا التحول, الأمر الذي يكاد يكون «مُنعدماً» في مجتمعات تقع ضمن سيطرة الخارج في معظم مجالات التطور والنهضة ومازالت تفكر بكيفية «استعادة مجد قد طمره الدهر» وهذا ما يؤكد أن الزمان يتقدم ونحن مازلنا واقفين في نفس النقطة التي وقف عليها يوماً ما الكواكبي وهو يحاول تفكيك العقل العربي ومعرفة أسباب التسلط في كتابه «طبائع الاستبداد» وهو ما تكرر تتابعاً بعد ذلك عبر كتابات طه حسين و أعمال حسن البنا وهو يؤسس لحركة الإخوان المسلمين كنوع من التجديد في العمل الإسلامي أو عبر كتابات مالك بن نبي ومحمد عابد الجابري ونصر حامد أبو زيد وكأن الزمان يتحرك بشكل دائري من النقطة إلى النقطة ثم البدء من جديد. التدهور الحاصل الآن في المجتمعات العربية قد أوصل المواطن العربي إلى الابتعاد عن التفكير بالنهضة مقابل التفكير في كيفية وقف الخراب الذي يدمر هذه البلدان, وهذا ما يعني أن أية عملية تحديث سيكون عليها أولاً أن تنهي كل هذا الميراث من الكراهية فيما بيننا ومن ثم التحوّل إلى مرحلة جديدة للبناء والتطوير. تتعاظم الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى خطاب إنساني شامل يجمع فيه كل الأطراف بعيداً عن الأيديولوجيات والانتماءات أو العقائد والمذاهب, بحاجة إلى تصدير خطاب معرفي جديد للذين يجيئون بعدنا, أتعبتنا كثيراً شعارات التحرُّر التي لا تحمل أية نظرية اقتصادية خلفها, أرهقتنا عبارات الحرية التي لا تكسر القيود التي تكبّلنا. رابط المقال على الفيس بوك