الحياة الدنيا فانية.. كلنا ندرك ذلك.. يستوي في ذلك المؤمن بدينه والكافر بدين غيره، ورغم إدراك الجميع لهذه الحقيقة الخارجة عن إرادتهم.. إلا أنّهم يتهافتون على استثمار حياتهم بما يوحي بعكس قناعاتهم تلك.. فالمؤمن بالله يعتقد استخلافه في الأرض.. لذا يسعى لتعميرها بما يؤكد قناعته الدينية.. والكافر بالله أيضاً يعتقد مسئوليته الشخصية في تعمير الأرض وتسخير كل ما عليها لما يصبو إليه. إذن فالطرفان يعتقدان نضالهما في الحياة لمصلحةٍ مّا يقضيانها وتعود عليهما بالفائدة المرجوّة.. ولكن أين المشكلة؟ المؤمن الحق يعتقد أنه كلما أحكمَ تعمير الأرض وفق ما يريده مولاه الخالق فإنه يرجو بذلك أجراً غيبياً أغلى من مكافأة متعة الحياة. بينما الكافر يسعى مخلصاً في تعمير الأرض كهدفٍ واحد لا يرجو سواه.. وهو أطول وقتٍ في الاستمتاع بملذات الحياة والتمكن فيها ليديرها وفق هواه وطموحاته المشروعة وغير المشروعة التي يحرص على جني أكثر المكاسب الفردية أو الجمعيّة من وراء ذلك. والفرق واضح بين الطرفين.. لكن النتيجة الغيبية غير واضحة للجميع بالقدر المطلوب.. وهنا محكّ اليقين بالغيب ومدى تأثيره في حياة المؤمن وانعكاسه على قدرة تماهيه في الاستجابة العمليّة لمقصدٍ يرتجيه ويعمل لأجله. لكن هل يتوافق ذلك مع حرص الكافر على مصلحته الدنيوية؟ أم ينتج التصادم بين الطرفين كحالة حتمية وصراع دائم لإثبات أحقيّة كل منها بتعمير الأرض..!. أعتقدُ بأنّ حسم هذا الإشكال يتمثّل في نضج التعايش بين الطرفين، والاتفاق على المصلحة العامة المشتركة بينهما لتعمير الأرض.. لتبقى المسألة الغيبية يقين أحدهما دون إرغام الآخر على الامتثال لها. وكذلك تبقى مسألة القبول والشراكة فرض عين على الكافر دون أن يقف حجر عثرة أمام المؤمن في حريّة تعميره للأرض جنباً إلى جنب تحت مظلّة الإنسانية السمحاء. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك