منذ وقتٍ مبكّر قبل اليوم وربما منذ عامٍ مضى أكد الأخ شوقي أحمد هائل، محافظ محافظة تعز، رئيس المجلس المحلي دعمه لكل مبادرة أو فكرة أو مقترح يصبُّ في صالح تعز كمحافظة ثقافية ترفض العنف والتطرف، وتدعو إلى إيجاد مجتمعٍ مبني على السلم والتعايش والشراكة الفكرية المثمرة. وفي لقائه الأخير تحديداً بأعضاء مجلس الحوار المحلّي بدا الأخ المحافظ شفّافاً إلى درجة كبيرة، حيث وجّه خطابه القصير والمقتضب إلى الحضور وفق رؤية عملية خالية من المصالح الحزبية والسياسية، معرباً عن حاجة المحافظة لأبنائها الجادين والمحبّين لها والقادرين على إحداث التغيير الإيجابي عبر التركيز على أنماط سلوكية سلبية مفتعلة، وتتويج ذلك بمشاريع وطنية جادة تخدم المواطن التعزّي وتسهم في وضع بنية المجتمع المدني كما يجب أن يكون. في اللقاء الذي تم يوم الخميس 2282013م؛ كان الأخ المحافظ قد أوجز رؤيته الخاصة بآلية العمل داخل اللجنة المحلية بضرورة إحداث التوازن بين الاحتياج الحزبي واحتياجات المحافظة، وقال: «نريد أن نبدأ العمل بطريقة تعزية لا يفهمها إلا أبناء تعز». ثم أوضح أن أبناء المحافظة هم المسؤولون عنها في الدرجة الأولى، وهم وحدهم دون سواهم معنيون بالتغيير الذي يخدم مستقبل محافظتهم التي تحتضن المثقّفين والمخلصين والنُخبة الثائرة على الفساد والعنف وكل أشكال التطرُّف والإرهاب، وقال: «إن العمل يجب أن يتم وفق خطوتين جادتين الأولى، السعي إلى التوفيق بين ما جاء في ميثاق الشرف وتلك الرؤى المنبثقة عن لجنة الحوار السابقة كأساس قوي للانتقال إلى مرحلة البناء عبر الخطوة الثانية وهي تحويل تلك الرؤية الجماعية المدروسة فيما بعد إلى واقع فعلي تتبنّاه المحافظة بمجلسها المحلي وإداراتها ومكاتبها ومواطن تنفيذ القرار فيها للخروج بقوانين عملية تنظم حياة المواطنين في المحافظة وتسهم في إزالة حالة الاحتقان بين أطيافها السياسية والاجتماعية المختلفة، وتدعم موقفها الفكري كعاصمة للثقافة والمثقفين». والحقيقة أننا نلمس رغبة التغيير والبناء والإعمار لدى الأخ المحافظ من خلال دعوته الشفّافة والواضحة إلى الفصل بين الحزب والوطن، وقد يكون من العدل أن نحتكم إلى العقل، وأن نترك لهذا الرجل الوطني التعزّي فرصة العمل في ظل قانون إنساني محلّي يجعل من تعز الثقافة والجمال أنموذجاً مشرّفاً للمدنية والإبداع وحرية الفكر المؤطرة بالحكمة والإيمان بمصلحة الإنسان الفضلى. ولعل إدراك الفرق بين الضبط والانضباط قد يزيل تلك الضبابية التي ينعت بها البعض خطاب الأخ المحافظ، ولا نعتقد أن أحداً ما يجهل أهمية الانضباط الشخصي والالتزام بالقوانين المحلية التي تنظم تلك العلاقة القائمة بين الإنسان والبيئة من جهة؛ وبين الإنسان والهرم الإداري من جهة أخرى، وإذا كان الانضباط قد غاب في ظل الفهم الخاطئ لمعنى الحرية؛ فإن واجب السلطة هو الضبط وفق معايير عامة يلتزم بها الصغار والكبار، ويحتكم إليها أرباب الفوضى وأهل النظام على السواء، وهذا ما يحاول أن يدعو إليه مجلس الحوار المحلي في تعز، والذي ينتهج الإخلاص ويتبنّى الولاء للوطن، ويحاول أن يكون كما قال الأخ المحافظ تجربة وطنية فريدة ونموذجاً للعصامية المجتمعية. فمن غير المعقول أن نكون في تعز، وطن الفن والثقافة والجمال والصمود ونشكو بيئة موبوءة بالمخلّفات وبنادق تُبقي أفواهها فاغرةً نحو الأبرياء، وعاطلين عن العمل بل عن الحياة لا يلمحون في الأفق لون الأمل، ولو أننا انطرحنا على ضريح الأطلال فلن نكفكف ما تبقّى من أدمع الهم والحزن وإنما يدفعنا الطموح اللا محدود فينا لندفع بالتي هي أحسن، ونحاول الوقوف من جديد على أقدامٍ من حديد. شكراً لرجل تعز الأول على سعيه الحثيث للخروج بتعز جديدة لا تنام أعين أطفالها خوفاً من أشباح المساء، ولا يعجز شبابها عن التلويح للحرية من جديد، لكن حرية عاقلة ومتّزنة ومتوازية مع التوجه العام لدولة العدالة والمساواة الإنسانية. رابط المقال على الفيس بوك