الانتخابات النيابية التي جرت في الجمهورية اليمنية عام 1993م, قادت بنتائجها إلى أزمة عاصفة في دولة الوحدة انتهت بحرب صيف 1994م وإلى فشل عملية الاندماج الوحدوي بين الشطرين حين فرض الفريق المنتصر في الحرب رؤيته للدولة اليمنية بعيداً عن مقتضيات الحاجة والمصلحة من إكمال دمج مؤسسات الدولتين في دولة جديدة. نتائج الانتخابات خلقت واقعاً دفع بالأغلبية العددية لتحالف حزبي المؤتمر والإصلاح إلى الاستقواء بذلك ضد الحزب الاشتراكي خلافاً لميثاق الائتلاف الثلاثي وتجاوزاً لأولوية استكمال دمج مؤسسات دولتي الشطرين في دولة واحدة ما سمح للشريك الجنوبي بالعودة إلى الواقع التشطيري القائم لمواجهة ما أسماه «استقواء الأغلبية العددية» في مجلس النواب من قبل الشريك الشمالي آنذاك للتنصل من اتفاقيات الوحدة واستكمال دمج مؤسسات الدولة الموحدة وخاصة مؤسسات الجيش والأمن والاقتصاد. هذه الأغلبية العددية جاءت قبل استكمال النظام الحاضن لها والمنظم لأدائها السياسي والتشريعي, أي قبل اكتمال بناء دولة الوحدة ودمج ما تبقّى من المؤسسات الشطرية, لهذا صنعت الأزمة وأنتجت الحرب, ودفعت الفريق المنتصر إلى فرض الأمر الواقع على ضرورات التوحيد ومتطلباته من الشراكة الكاملة بين الشطرين؛ وهو ما ولّد الآن ما نسميه «القضية الجنوبية» التي انطلقت أولاً تحت نداء إلى إصلاح مسار الوحدة وإزالة آثار الحرب ونتائجها. يبدو أن المرحلة الانتقالية الراهنة تتجه إلى وضع مشابه للانتخابات عام 1993م, فنتائج الحوار الوطني وهي تتعلّق بالدولة وإعادة بنائها تضعنا أمام الحاجة إلى مرحلة انتقالية لتنفيذ مخرجات الحوار وبناء ما تصوّرته من مقترحات للدولة الجديدة, وذلك يعني تجنب مأزق الاستقواء بالأغلبية العددية وإجراء الانتخابات المقبلة على أساس تقييد نتائجها باستمرار التوافق الوطني والشراكة في بناء المستقبل وتنفيذ مخرجات الحوار الشامل. من المؤكد أن أي انتخابات مفتوحة على الأغلبية العددية سوف تضعنا أمام تحديات الاستقواء بهذه الأغلبية للتنصل من مخرجات الحوار وفرض نموذج هذه الأغلبية على الدولة والشعب, خاصة ما يتصل منها بالقضية الجنوبية والحل العادل لها بالشراكة الوطنية الكاملة دون استقواء أو استفراد. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك