بعيداً عن كون الضربة العسكرية المحتملة تستهدف سوريا أم عدو سوريا بشار الأسد يمكن أن نتساءل عن حقيقة الموقف الغربي من المسألة برمتها. لأكثر من عامين ونصف ظلت المعارضة المسلحة تناشد العالم لتزويدها بالأسلحة والعتاد العسكري اللازم لتحرير سوريا من كتائب النظام السوري وحلفائه الأجانب وحسم المعركة سريعاً, ورغم النقص الحاد في الذخيرة والعتاد العسكري فقد تمكنت المعارضة من تحقيق انتصارات مهمة وتحرير مساحة كبيرة من جغرافية سوريا، رغم أن هذه الانتصارات لم تتمكن من إيقاف شلال الدم السوري النازف كل يوم، فضلاً عن عجزها في لجم شهوة النظام لحرق سوريا وإبادة شعبها وتسوية المزيد من مدنها وبناياتها بالأرض! يحضر هاجس الضربة العسكرية الغربية ليعيدنا إلى مربع التساؤلات من جديد:لماذا على الغرب أن يتدخل الآن فقط؟ لماذا على صحوة الضمير الغربي أن تطل علينا فجأة على هذا النحو المريب؟! يرجع محللون سر الحماسة الغربية المتنامية للتدخل عسكرياً في سوريا, والمسارعة في الإجهاز على ما تبقى من منظومة حكم الأسد إلى كونها عائدة إلى رغبة روسية في المقام الأول؛ فالروس الذين قادوا تحالفاً دولياً لدعم صمود الأسد في معركته الدامية لإخماد الثورة يعتقدون اليوم أنه من الخطأ الاستمرار في دعم نظام لا تتوفر فرص بقائه وإن بنسبة ضئيلة؛ لذا يبدو الموقف الروسي اليوم أكثر تناغماً مع موقف الغرب ومن ورائه المجتمع الدولي، فضلاً عن تلاشي لغة التشدد والتزمت الروسي حيال الثورة والمعارضة المسلحة بسوريا. إلى حد كبير يبدو التحليل أعلاه منطقياً, ومع الإشارة إلى أن روسيا مارست الخيانة مع الأسد, وتعد شريكا أساسياً في الطبخة التي يجري التحضير لها الآن فإن إغفال الطبيعة الانتهازية للموقف الغربي في التعاطي مع الملف السوري مسألة ربما توسع من دائرة العار التاريخي الذي قد يلحق بشعب سفك دمه بوحشية مفرطة لأكثر من عامين ونصف في ظل صمت غربي مطبق, وحين اقتضت مصلحة الغرب في أن يتدخل راح هذا الشعب يهلل ويهتف متناسياً الأبعاد الانتهازية القذرة لهذا الموقف! قرار العملاق الأطلسي «الناتو» بمعاقبة النظام السوري سيدخل حيز التنفيذ قريباً، ولن ينجو الأسد بفعلته هذه المرة, لم يعد الغرب ومعه روسيا بحاجة لوجود الأسد, وحين يتمكنون منه سيقتلونه قبل أن تطاله يد الثورة؛ لأسباب لا نجهلها.. إنها إرادة الأطلسي التي لا يستطيع النظام السوري وحلفاؤه صدها أو تلافيها, وسيجري تنفيذها على الأرجح بأقصى درجات القسوة والبطش! خارج سياق الحالة الانتشائية التي ستغزو مسامات الوجدان العربي نتيجة اقتراب نهاية الأسد لا أدري ما هي مهمتنا كعرب إزاء ما سيحدث؛ فنحن الذين هتفنا بسقوط النظام الطائفي المتوحش في سوريا؛ وذرفت مآقينا لمذابحه دموعها والدم، ولم نكن نرغب في أن يصل الأمر إلى التدخل العسكري الدولي. نعم.. رغبنا بنهاية مستحقة لنظام الأسد على الطريقة الحلبية لا على طريقة «الناتو» ولا الطريقة الأمريكية، لكن ما نفعل إن كان طواغيتنا قد جبلوا على رفض الرحيل إلا بتوقيع أمريكا تحت أوراق نهايتهم؟!. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك