حتى قبل أن يبدأ مؤتمر الحوار الوطني جلساته ويلتقي الفرقاء تحت سقف واحد؛ والحديث عن الفيدرالية وتقسيم اليمن إلى عدة أقاليم هو الحديث السائد والمتداول بين الأوساط السياسية والشعبية؛ وهو ما يعني وجود قناعة ليس فقط لدى الأطراف المتصارعة والمتحاورة وإنما أيضاً لدى العامة من أبناء الشعب اليمني؛ قناعة بأن «الفيدرالية» هي الحل الوحيد والأسلم وربما الخوف مما هو أسوأ ولّد لديهم هذه القناعة على الأقل يحافظ على اسم اليمن الواحد. ف«الفيدرالية» هي الحل المرضي بغض النظر عن عدد الأقاليم التي ستقسّم إليها اليمن وعدد المحافظات التي سيضمها كل إقليم، مادام جميع الأقاليم يشكلون الخارطة الجغرافية للدولة اليمنية الواحدة ولا علاقة للبسطاء بنوايا السياسيين وما يخفونه خلف حروف «الفيدرالية». تعدّدت الرؤى واختلفت وجهات النظر؛ فبعض القوى ترى «الفيدرالية» من إقليمين شمالي يضم المحافظات الشمالية التي كانت منضوية في إطار الجمهورية العربية اليمنية، وإقليم جنوبي يضم محافظات جمهورية اليمن الديمقراطية؛ بينما يرى الطرف المتمسك ببقاء الوحدة والرافض للانفصال أن بقاء اليمن الموحّد في إطار دولة فيدرالية من عدة أقاليم تتشارك وتتداخل فيها المحافظات الشمالية مع المحافظات الجنوبية هو الخيار الوحيد والمناسب للجميع؛ فيما يرى طرف ثالث أن «الفيدرالية» بأية صورة من الصور يمكن أن تؤدّي إلى الانفصال وتكريس الرغبة في تقسيم اليمن إلى أكثر من دولة، والحل هو بقاء اليمن الموحّد مع إعطاء صلاحيات لحكم محلي واسع الصلاحيات وفي إطار الدولة المركزية الواحدة. آراء متعدّدة ووجهات نظر مختلفة تم تبنّيها من قبل الأطراف السياسية داخل مؤتمر الحوار؛ وكل طرف يقاتل لينتصر لنفسه ويفرض وجهة نظره التي يراها هي الخلاص لليمن من أزماته ولليمنيين من معاناتهم، ولايزال الاختلاف هو الشيء الوحيد المتفق عليه بين المتصارعين رغم أنه لم يتبقّ الكثير حتى يُسدل الستار على الحوار الوطني، ولا ندري أي السيناريوهات سيتم تبنّيها في ختام الحوار، وتحدد معالم الدولة اليمنية المستقبلية التي ينشدها كل اليمنيين، وما يهمنا كيمنيين هو أن نبقى شعباً واحداً ودولة واحدة، وأن تختفي من حياة اليمنيين كل أشكال الصراعات والحروب المدمرة، فلا مذهبية ولا طائفية ولا حزبية، فالوطن للجميع. ما تم تسريبه من داخل كواليس مؤتمر الحوار حول شكل الدولة اليمنية القادمة أثار القلق في نفوس أبناء اليمن؛ حيث أكدت التسريبات أن الرؤية المتفق عليها هي تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم؛ ثلاثة يمثّلون المحافظات الجنوبية ويشمل إقليم عدن وإقليم لحج، الضالع، أبين، وإقليم شبوة، حضرموت، المهرة؛ فيما تشمل الثلاثة الأقاليم الشمالية إقليم الأمانة وصنعاء، إقليم تعز, إب, البيضاء، ذمار, مأرب، والإقليم الثالث يضم صعدة، عمران، حجة, المحويت، الجوف، ريمة والحديدة. وإن صحّ وتم اعتماد هذا التقسم؛ فإن ذلك سيؤدّي الى كثير من الإشكاليات ويعزّز من احتمالات التشظّي والتقسيم؛ خصوصاً مع ظهور حراك شمالي يدعو إلى انفصال الشمال عن الجنوب..!!. وإن كان هذا هو الحل المرتقب، فما دواعي التمديد للفترة الانتقالية كما يروّج البعض..؟!. وفي اعتقادي هذه خطوات للانفصال ولكن برؤية «فيدرالية» تمنح الجميع حق تقرير المصير..!!. رابط المقال على الفيس بوك