لأسباب غير مبررة لم تعط وسائل الإعلام الرسمية وهي تحتفل بالعيد ال 51 لثورة سبتمبر المجيدة أدنى اهتمام للدور المصري المساند للثورة اليمنية إلّا من شذرات هنا وهناك لم تف هذا الدور القومي حقه من التثمين والإشادة. إنني أعرف تماماً أن مصر الكنانة لا تريد جزاء ولا شكوراً لكل التضحيات، سواء التي قدمتها لليمن أو للأمة العربية في سبيل التحرر من ربقة الأنظمة المتخلفة والاستعمار، باعتبار أن تلك هي مسؤوليتها ودروها، خاصة وهي تقود حركة التحرر الوطني في العالم الثالث وليس فقط على مستوى المنطقة العربية ،لكن ذلك لا يمنع التذكير بعظمة الدور الريادي والطبيعي الذي اضطلع به أبناء مصر عبدالناصر في الوقوف إلى جانب الشعب اليمني وهو يخوض ثورة حقيقية ضد التخلف ونضالاً باسلاً لترسيخ دعائم النظام الجمهوري مطلع ستينيات القرن المنصرم. وكما أن المؤسسة الرسمية وكذلك الشعبية تحتفل بمثل هذه المناسبات الوطنية لتذكير الأجيال بعظمة قيم ثورة سبتمبر، كذلك كان حرياً بها الاحتفاء والإشادة بالدور المصري المساند لليمن في أحلك الظروف تخليداً للمآثر والبطولات التي اجترحها أبناء الكنانة وتذكيراً للأجيال اليمنية الجديدة بحجم تلك التضحيات التي قدمها أبناء الكنانة إلى جانب أشقائهم اليمنيين لتحقيق الانتصار العظيم الذي تمثل في قيام الجمهورية اليمنية على أنقاض النظام الإمامي الذي عزل اليمن ردحاً طويلاً من الزمن عن متغيرات العصر. ولم يقتصر الدور المصري على مقارعة فلول النظام الإمامي بل تجاوز ذلك إلى مساندته القوية لثورة 14 اكتوبر في جنوب الوطن ضد المستعمر الأجنبي، وذلك عندما أعلن الزعيم جمال عبدالناصر في ابريل عام1964م من مدينة تعز أن على الاستعمار البريطاني أن يحمل عصاه ويرحل من عدن، إذ كانت تلك إشارة البدء الحقيقي لتعاظم دفق حركة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال البريطاني حتى توج الاستقلال عام 1967م. لذلك فقد كان على وسائل الإعلام الرسمية والنخب السياسية اليمنية أن تذكر بتلك المواقف المبكرة والمساندة لأبناء مصر في مناصرة حركات التحرر وبخاصة في اليمن والتي لم تقتصر -فقط -على الدعم العسكري وإنما امتدت إلى إقامة النظام الإداري والمالي للدولة بمختلف هياكلها ومؤسساتها، فضلاً عن إنشاء المدارس والمراكز الصحية والطرقات وكذا استقبال مصر للطلبة اليمنيين في مختلف معاهدها وكلياتها فضلاً عن مشاركة مئات المدرسين المصريين في التأسيس لحركة التعليم في اليمن. وتزداد أهمية الدور القومي المساند الذي قامت به مصر في تلك الفترة إلى جانب حركات التحرر الوطني في العالم ومنها ثورتا سبتمبر واكتوبر مع ظروف انحسار الدور القومي وطغيان حالة القطرية والتشرذم في الوطن العربي، فضلاً عن تكالب أدوات الاستعمار الجديد لبسط سيطرته للهيمنة على مقدرات الأمة العربية واستغلال ثرواته الطبيعية وتجيير قراراته المصيرية لما يخدم مصالح الاستعمار..وهو ما استحقت عليه مصر كل الثناء والتقدير والاعتزاز بأدوارها القومية المساندة لقيم العدل والحرية. وثمة خاصية إضافية تطبع شخصية أشقائنا من أرض الكنانة، فهم في حقيقة الأمر لم يمنّوا على الشعب اليمني كما يفعل البعض جراء تلك التضحيات بل يقولون دوماً إن ذلك هو أبسط واجب تجاه شعب حضاري عريق.. وأنهم يفخرون بمشاركتهم في إزالة الغبار عن معدنه الحضاري الأصيل. رابط المقال على الفيس بوك