خادعنا واقع تعز، فبدل أن يصدّر لنا فعلاً مدنياً صدَّر واقعاً لم نكن قد اكتشفناه قبل تحت رماد مدنية معلنة زمناً طويلاً ليتفشى بشكل مفزع. جاء محافظ تعز ولم يعمل بشرط أن التغيير عادة ما يحتاج لبيئة راعية، ووقت مناسب، بحاجة لتمهيد يحقق النجاح المطلوب. كأنه أرهق نفسه بصراعات ليس أوانها الآن، لكنها لا تنفي التطلع والشجاعة. ربما ساهم باستعجال النتائج، في وأد التغيير إن لم نوفر شروطه، أراد كل شيء يسير كما فكَّر دون عمل مواز لإرسال نداءات تحشد المواطنين وتوجه طاقاتهم تجاه المشاركة في إنفاذ خططه. رحَل السعيدي مدير الأمن الأول لتعز بعد الثورة، لأنه لم يمتثل لأوامر المحافظ وكان عُرف عنه تحقيق بعض من الأمن، وقد كان سعى لمنع السلاح المنتشر اليوم في تعز ويتعرض من يحمله من قبل الحملات الأمنية إلى التوقيف وإتلاف قطعة السلاح التي يحوزها. اشتدت معارك المحافظ فيما يخص مدارس تعز ومدرائها، والوظائف الإدارية في المحافظة، وبرز جدل المفاضلة في المناصب أو المحاصصة.. والبقاء وفق ما “ أريد وما لا أريد” وحينها كانت تعز تنهار بالتدريج، خدمات الأمن والنظافة والكهرباء والماء، ولم تعد حتى كما كانت أيام الثورة أو ما سبقها، أو ما تبعها. تعيش تعز حالة استثنائية، لأننا أهدرنا جهداً فما ليس من أولوياتنا، فلا نحن طلنا الأهم ولا المهم. لدينا «المقدشي» مدير أمن جديد، والناس لم يأمنوا من خوْف.. وتتزايد الحوادث الأمنية، وحمل السلاح، ولوحات «سلاحي ثقافي» ,« وسلاحي كتابي» المعلقة في مداخل تعز ضمرت من الشمس وأدركها التلف والإتلاف، لأنها لم تتحول إلى واقع. قد يكون طموحنا المبالغ فيه تجاه تعز ألهانا عن تقييم الوضع بعد عقود من الحكم السابق، هل ما زالت تعز حالمة؟ أم أن التشويه طالها مثلما طال كل شيء في اليمن وستكون بحاجة إلى إعادة ترميم والتأسيس من جديد ؟ هل نخبها مازالت مستعدة لقيادة التغيير والقيام به ؟ هل هي جاهزة بعد كل ذلك لتشكل حاضناً لأحلامنا الطموحة ؟ إن كانت الإجابة نعم فلماذا يزيد حال المدينة سوءاً ؟ وإن كانت لا، فلماذا لا نعيد تقييم حاضر المدينة من جديد لنفهمها ونحقق طموحنا فيما نريد للمدينة ؟ ثم علينا الاعتراف أن تعز لم تعد كما كانت، وما حدث لها اليوم ليس طارئا بل نتيجة طبيعية لنظام شوَّه كل شيء، وتعز لم يكن لديها حصانة ضدَّه. ودون مواجهة أنفسنا بالحقائق فلن يكون مصير كل مشاريعنا وأحلامنا سوى الفشل. كما يحدث اليوم لمشروع “تعز عاصمة للثقافة”، ومشروع تحلية مياه البحر، وتطوير ميناء المخا وغيرها. [email protected] رابط المقال على الفيس بوك