خلال الأيام الماضية علق الكثيرون في كتاباتهم حول مسألة (الإمامة) وشنعوا بالفكر الذي لا يجاري الواقع المتحضر بحسب ما جاء في خلاصة مواضيعهم .وبقدر احترامنا لكل الآراء حول هذه القضية التي ربما أخذت بعدا وحيزا كبيرا لدى الجميع بقدر ما نختلف معهم حول تناولهم الغير منهجي وواقعي وإنما كان مبنيا على تخمينات وتخيلات لماض عاشه الآباء والأجداد في زمن الإمامة ومقارنته بواقعنا اليوم ! في حقبة كانت معظم الكرة الأرضية كلها في ظلام دامس. وبرغم أن كلمة السيد عبد الملك التي شن البعض هجومهم عليها كانت قريبة من الواقع إلا أن البعض استشف منها دعوته للأسرية في حين أنه ذكر مؤهلات عدة للحاكم منها الرحمة والعدالة والحكمة.. عموماً التشنيع بمصطلح الإمامة وتخيلها دعوة عنصرية تحتاج لنقاش طويل وفهم مقصد الإمامة الدينية وشروطها وهل هي إمامة سياسية تمسك بزمام الحياة بأسرها أم لا وغير ذلك من الأمور التي خفيت على الكتاب المتناولين لموضوع لا أعتقد أنهم قرأوا خلفيته وأبعاده من منهجه الأصلي.. فقط عبارة عن ثقافة سطحية وبلغة عاطفية ومنفعلة. ليس تعصبا أو دفاعا لمصطلح الإمامة نريد معرفة حقيقة الموضوع باختصار شديد.. ولن أتناول حاليا النصوص من الكتاب والسنة التي يحتج بها من يؤمنون بالإمامة لأن الحداثيين التقدميين وبعض المفكرين الإسلاميين المتحررين من هيمنة النص ينكرون السنة الصريحة والمتفق عليها! ناهيك عن العلمانيين الذين يشككون في المصدر الأكبر وهو القرآن دعونا من المصدرين الكتاب والسنة ولننظر إلى الواقع المعاش دعونا من الرجوع إلى الماضي البعيد .لنفتش كيف هم الإماميون الجدد في واقعنا اليوم لا يهمني الأمس المنقضي يهمني الإماميون الجدد. مصطلح إمامة تعني خلافة تعني رئاسة زعامة كلها بمعنى واحد مع فارق أن الإمامة قد تكون إمامة (علمية دينية أو سياسية). سأتناول واقع الإماميين واقعا اليوم وحاضراً..هل هم ضد المساواة وتقسيم الناس إلى سادة وعبيد؟ هل هم ضد الحرية والانتخابات؟ هل هم ضد النهضة وامتلاك مشروع مستقل لا تابع للأعداء؟ المتتبع للإماميين الجدد أتباع السيد عبد الملك السيد الذي لا يضع عمامة على رأسه ولا كوفية!! ويظهر بمظهره الأنيق المعتز أيضا بأصالة ملبسه سيلحظ أن الرجل لا يهتم بإثارة القضايا الخلافية بقدر تركيزه على وحدة الصف ونبذ الفرقة والتوحد على العدو المشترك (أمريكا وإسرائيل). دخولهم في الحوار ومشاركتهم بقائمة شبابية ليست هاشمية جميعها ماذا تدل؟ بل الناطق الإعلامي لمكون أنصار الله اشتراكي وعلى ثقافته تقدمية عالية أكثر من الحداثيين أنفسهم... هل سمعتم أنهم يحرمون الانتخابات مثل بعض التيارات الدينية الأخرى؟ السيد حسين نفسه كان ممثلا لدائرة انتخابية سابقاً دخل وشارك في الانتخابات وهو مؤمن بمسألة الإمامة الدينية.. هل يوجد في أدبيات أنصار الله ما يشنعون في الديمقراطية أو الدستور والقانون؟ أعرف أن البعض سيقول أن الشيعة يستخدمون التقية! لكني أخاطب الآن عقولا حداثية واقعية بعيداً عن الجانب الديني.. بعيدا عن المنهج التهويمي الذي يقتنع به العامة من الناس خصوصاً الجماعات الدينية المخالفة لفكر الإمامة. مشكلة البعض أنه لم يفرق بين الولاية الدينية والسياسية ..ماذا عن حزب الله في لبنان؟ كيف يقبل السيد حسن نصر الله وأشياع حزبه بأن يتولى عليهم رئيس مسيحي للبلاد؟ هل عارضوا هذه الأمور السياسية الخاصة بمجموع الشعب المتفق عليها جميع الطوائف هناك؟ بل حزب الله الإمامي حداثي في حواره مع الآخرين وممارسته للاحتجاجات السلمية ويملك ممثلين له في البرلمان يصوغون قوانين للبلد! كيف تنظرون إلى كل ذلك واقعيا هل كما تتصورونه أسريا وعنصريا في تعامله؟ إن أتباع الطائفة الشيعية المعتقدين بالإمامة يمارسون قمة النهج الواقعي السياسي الحديث.. لن أخوض في المشروع الإيراني ونظامه الانتخابي ومشروعه النهضوي الغير خاضع لأجندة الغرب وعن الحريات هناك وممارسة الانتخابات وخصوصية المرشد من الرئيس من بقية مؤسسات الدولة وانطلاقهم في كل المجالات.. ومعلوم أن الاستعباد لأي فرد أو شعب يقيد الإبداع والنهوض!. مشكلة الأخوة المنتقدين لفكر الإمامة اعتقادهم أن الحكم سيتركز في سلالة آل البيت وحدهم لا يشاركهم في إدارة البلد أحد وبقية أسر الشعب تخضع وتسمع وتطيع فقط لا تشارك في أي ممارسة سياسية !هم يصورون للآخرين أن طريقة أنصار الله ستكون هكذا تسليمها لمن يمتلك بطاقة انتساب لآل البيت!...الإماميون الجدد يدركون أهمية الولاية أو الإمامة لحفظ الأمة من الاختلاف والفرقة وتوحيد الصف عبر قيادة (تمتلك المؤهلات) فليس كل شخص ينتمي لآل البيت جدير بالإمامة...أما فيما يتعلق بالشؤون السياسية الأخرى وحياة الناس فهناك قوانيين تنظم الحياة (وأمرهم شورى بينهم). ربما نكون بهذه المقاربة قد وضحنا كثيراً مما لبس أو التبس على الناس والحداثيون خصوصاً وتخوفهم من مشروع الإمامة المصورة في الأذهان أنها قادمة من (سرداب) أزلي.. وليس مقصدنا تعصبا للإمامة أو الفكر بقدر ما نريد الوصول إلى التعايش مع واقع بشري وفكرة موجودة لا يمكن إزاحتهم عن مسرح الحياة أو نفيهم من الوجود. رابط المقال على الفيس بوك