يتمسك التيار الديني وخاصة جماعة الإخوان , والجماعات السلفية , بالشريعة مصدراً وحيداً للتشريع , ويعني ذلك عدم جواز صدور تشريعات مصادمة للشريعة , أو مناقضة لها , وهنا تثور مسألة الحق في المعارضة , والذي يتمثل في الاعتراض على تشريعات أو المطالبة بتشريعات أخرى يراها المطالبون حقاً لهم وعدلاً بينهم . لعل الكوتا النسائية ابرز الأمثلة المبينة لهذا التصادم بين حاكمية الشريعة وحق المعارضة , حيث خرجت مظاهرة نسائية تابعة لواحد من اشهر رجال الدين في اليمن , تصف إقرار الكوتا النسائية في مؤتمر الحوار بالعمل المصادم للشريعة , ومعنى هذا أن الخلاف السياسي حول قضية التمكين السياسي للمرأة اليمنية أصبحت محكومة بالموقف من الشريعة , وليس بالحق السياسي في الاختلاف , فالذين يعارضون الكوتا هم الفريق المسنود بحاكمية الشريعة , ومناصرو الكوتا هم الفريق المصادم للشريعة والمناقض لحاكميتها . الكوتا مسألة متصلة بالحق السياسي للمرأة كإنسان وكمواطنة وهي مسألة في الشريعة كانت محل خلاف فقهي واسع قديماً وحديثاً , على أساس الافتراق بين من يحرم على الأنثى الولاية السياسية , ومن يجيز لها هذه الولاية , بما فيها الولاية الكبرى كرئاسة الدولة وولاية القضاء وبالتالي , فالكوتا والخلاف حولها , من منظور الشريعة خلاف فيها وليس خارجاً عليها أو مصادماً لها , غير أن الاستقواء بالشريعة هو تشريع للتسلط في الرأي وتبرير لقمع الخلاف والاعتراض . الذين سارعوا من الأحزاب القومية والاشتراكية إلى تأكيد حاكمية الشريعة عليهم تأكيد الحق السياسي في الاختلاف والمعارضة حتى لا تتحول الشريعة إلى تسلط يتستر بقداسة الدين لتبرير استبداد رجال الدين , وهنا يكون الحق السياسي في المعارضة والاختلاف ممنوحاً لكل الأفرقاء , بدون تمييز أو احتكار للحق باسم السياسة أو الشريعة , فمعارضة الكوتا مثلاً مقبولة سياسياً ومبررة بأكثر من وجه سياسي , أهمها المساواة في الفرصة والحق في حرية الاختيار. إجمالاً , توظيف الإسلام أو الشريعة لفرض الرأي الفقهي الواحد , هو قضية محمولة على عنوان : الاستبداد الديني , والذي يتجسد في طغيان رجال الدين , وهي قضية مفتوحة للاجتهاد والحوار بما يصل بنا جميعاً إلى ضفاف الحرية التي يعلي قيمتها الإسلام وتضمنها كحق شريعته الحاكمة بأمر العدل والإحسان , ولذلك فكل ادعاء بأن الاختلاف والمعارضة صدام مع الشريعة ومصادمة لها , هو تسلط واستبداد ينتصر لطغيان رجال الدين ولا ينتصر لحاكمية الشريعة بأمر العدل والإحسان . [email protected] رابط المقال على الفيس بوك