المتابع لرؤى المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني حول شروط تولّي منصب رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء والمناصب العليا؛ سيدرك أن بعض تلك الرؤى وضعها أصحابها من باب النكاية بالآخر المختلف وليس من باب المصلحة الوطنية أو من منطلق الحرص على إيجاد نقاط وشروط تنال الإجماع الوطني وتستهدف الوصول إلى يمن جديد خالٍ من النزاعات وبعيداً عن اجترار عداوة الأمس وثقافة الكراهية والحقد. بعض تلك الرؤى تضمّنت شروطاً انتقامية ثأرية، وكان هدف واضعيها إغلاق كل الأبواب على بعض الشخصيات التي تبادلها العداء، بل تأمل أن تأتي عاصفة من السماء لتقتلعها أو تصيبها بفقدان الذاكرة والجنون أو تأخذها بعيداً عن الساحة اليمنية والسياسية، كون استمرار وجودها وبقائها لا يمثّل خطراً عليها وحسب، بل يصيبها بحالة اضطراب نفسي سيقودها إلى المزيد من الكذب وارتكاب الجرائم التي ستسوّد سجلها وتاريخها في عيون أبناء الشعب فوق ما هي سوداء. لاتزال بعض تلك المكوّنات وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر من بدء مؤتمر الحوار الوطني تدور في نفس الدائرة المفرغة، ولا يبدو أنها قد تخلّصت من ثقافة الحقد والكراهية التي تكنّها للآخر، ولن تصل مطلقاً إلى قناعة أن هذا الآخر هو جزء من الحياة السياسية حاضراً ومستقبلاً، ولا يمكن تهميشه أو إقصاؤه. إن تلك الشروط عبّرت عن حالة اللا وفاق القائمة بين مختلف المكوّنات، ولهذا فإن كل مكوّن ذهب ليغنّي على ليلاه؛ فيما الوطن ومصالحه هو آخر ما يفكّرون به..!!. هذه الحالة اللا توافقية التي كشفتها شروط هذه المكوّنات ستنعكس سلباً على مخرجات الحوار، بل يبدو أنها ستمثّل عائقاً أمام الخروج برؤية موحّدة يبنى عليها الواقع الوطني والسياسي مستقبلاً، وستضاف إلى العوائق الأخرى التي لايزال المتحاورون غير قادرين على تجاوزها. بعض هذه المكوّنات ومن خلال شروطها تحاول تمرير ما فشلت بتمريره في وقت سابق كما هو الحال في موضوع الحصانة والعزل السياسي، الذي يبدو أنه القضية الرئيسة التي تشغل بال هذه المكوّنات ولا يمكن لها أن تتراجع عنها أو تقبل بأي رؤى أو مقترحات أخرى بعيدة عن رؤيتها ومطلبها الأوحد. لقد كشفت شروط مكوّني اللقاء المشترك و«أنصار الله» عن مضامين انتقامية بحتة تستهدف الإضرار بطرف سياسي معيّن، كما أنها تهدف إلى إعاقة المؤتمر الوطني للحوار الشامل من الخروج بأي نتائج توافقية تحقق طموحات وآمال الشعب، وتنتصر للمستقبل اليمني. وبالتالي فإن تمترس بعض المكوّنات خلف مواقفها ورؤيتها غير المنطقية المتعصبة ضد الآخر؛ سيجر الآخر إلى مواقف مماثلة وهو ما يضمن عدم التوصل إلى أي نتائج؛ وبمعنى آخر إفشال مؤتمر الحوار الوطني الشامل. وبالنظر إلى الشروط المقدّمة من المؤتمر الشعبي العام وحلفائه؛ فقد كانت واضحة ولم تتضمّن أي إيحاءات لرفض الآخر، كما أنها أكدت أحقية المرأة اليمنية في الترشُّح لمنصب رئاسة الجمهورية إذا ما توافرت فيها الشروط القانونية لشغل هذا المنصب وغيره من المناصب القيادية العليا في الدولة، وهو ما أغفلته أو تغافلت عنه بقية المكوّنات. ويقيناً فإن استمرار حالة اللا توافق القائمة بين مختلف المكوّنات قد تعصف بمؤتمر الحوار الوطني، ما قد يؤثّر على مستقبل اليمن واليمنيين. رابط المقال على الفيس بوك