يبدو أن نهاية مؤتمر الحوار الوطني مازالت بعيدة ولا توجد حتى الآن أية مؤشرات تدل على اقتراب المؤتمر من حسم القضايا العالقة، وفي مقدمتها شكل الدولة الاتحادية وعدد الأقاليم التي ستتضمنها إضافة إلى ضمانات ما بعد الحوار الوطني.. منذ تسعة أشهر والمكونات المشاركة في الحوار مازالت غير قادرة على حسم القضية الجنوبية التي تتجاذبها الآراء وتلوكها الألسن حتى بدا للمتابع بأن هذه القضية أصبحت عصية عن الحل.. يستمر المتحاورون لا سيما المنضوون في اللجنة المصغرة أو ما تعرف بلجنة “8+8” في نفس الجدال الباحث عن عدد الأقاليم، وطبيعة الدولة الاتحادية اليمنية الجديدة حتى وصل الأمر ببعض المكونات إلى وضع مقترحات حددت عدد الأقاليم ب15 إقليماً ستة جنوبية وتسعة شمالية، فقط في محاولة من مقدميها لإغلاق النقاش حول هذا الموضوع الذي أصابهم باليأس والإحباط، ودون التفكير بالتداعيات المستقبلية التي ستنجم عن هذا المقترح أو غيره.. مقترحات ورؤى حوارية تتجاذبها المواقف المتباينة وتقود المشاركين في الحوار إلى اللا شيء.. والسبب إصرار بعض الأطراف على التمسك برؤاها وينبغي على بقية الأطراف الموافقة عليها.. الكثير من القضايا الحوارية التي ما زالت محل الخلاف، وفي ظل هذا التنافر الحاصل في الرؤى والمواقف يبدو أنها ستطيل أمد الحوار الوطني، أو قد تقود إلى إنهاء مؤتمر الحوار الوطني والإعلان عن مخرجات غير متوافق عليها من قبل كافة المكونات المشاركة في أعماله، ما قد يشكل تحدياً حقيقياً قد يعصف بالدولة الاتحادية ويعلن موتها قبل أن تولد..إن المشكلة الرئيسية التي تقف حجر عثرة أمام إنهاء مؤتمر الحوار الوطني تكمن في المكونات المشاركة فيه والتي تهدف إلى أن تكون مخرجات الحوار الوطني قريبة من توجهاتها السياسية وتصب في مصلحتها دون النظر إلى المصلحة الوطنية العليا ومصالح أبناء الشعب.. ومن أجل أن لا تتحول هذه المخرجات إلى غنائم يتعين على الجميع التخلي عن الرؤى القاصرة والنظر إلى الرؤى الشاملة والجامعة التي ترى أن حل هذه القضية أو تلك لا تخص فصيلاً معيناً من أبناء الشعب وإنما كل الشعب، كما لا تخص شمالاً أو جنوباً أو شرقاً وغرباً بل تخص الوطن اليمني الواحد الكبير ككل.. ينبغي على المكونات المشاركة أن تبدي قليلاً من المرونة وتعكس حرصها الكامل على أن يخرج مؤتمر الحوار الوطني بنتائج توافقية، وأن تدع تفسيراتها التي يشتم من ورائها رائحة الانتقام والاستهداف الواضح لطرف سياسي، وتذهب صوب إكمال ما تبقى من نقاش لبعض القضايا بروح مسؤولة بعيداً عن الكراهية والحقد.. وحتى لا تتسبب في إفشال الحوار وتتحمل مسؤولية ما ستؤول إليه البلاد بعد ذلك.. على جميع المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني أن تنظر إلى الحالة السيئة التي وصلت إليها البلاد، وتدرك أن إخراج الوطن وتخليصه من كل المشاكل التي يعانيها وعلى كافة المستويات يكمن في إنجاح مؤتمر الحوار الوطني والخروج بنتائج توافقية تتجه بالوطن وأبناء الشعب صوب المستقبل الأفضل.. لقد مضى ما يقارب المائة يوم على الفترة المحددة لانتهاء مؤتمر الحوار الوطني وهذا يعد مؤشراً خطيراً كون إطالة أمد الحوار لا يصب في المصلحة العامة للوطن والمواطن الذي يترقب أن تكون مخرجات الحوار هي خاتمة المآسي التي يعاني منها والويلات التي يتجرعها.. فهل يعي المتحاورون أن اللعب على عامل الوقت قد يقود البلاد إلى ما لا يحمد عقباه لا سيما في ظل الأوضاع المتردية التي تشهدها اليمن على كافة المستويات..؟ [email protected] رابط المقال على الفيس بوك