كنت قد تناولت في الأسبوع الماضي الجهود التي يبذلها الصندوق الاجتماعي للتنمية في سبيل التوعية بالتعليم عموماً، وتعليم الفتاة خصوصاً في بعض أرياف تعز، وكيف أن هذه الجهود لو تكاملت مع جهود إدارة التربية والتعليم والخدمة المدنية في توزيع المعلمين إلى المناطق المستهدفة فعلاً التي يقيم فيها الصندوق الاجتماعي للتنمية والتوعية، كون هذه المناطق لا تُستهدف إلا بعد نزول إليها ودراسات من قبل الصندوق، ومعرفة كونها بحاجة ماسة إلى الجهود سواء في التعليم أو الصحة أو غير ذلك. دعوني في هذا الأسبوع أن أسطر فكرة هنا في هذه السطور، إذ دائماً ما تنتابني خاصة عندما أتذكر أنني كنت طالبة في الريف، مع الفارق بين منطقتي والمناطق التي تحدثت عنها في الأسبوع الماضي في مديرية مقبنة، كون منطقتي من المناطق التي نشأت فيها المدارس من قبل ثورة 26 سبتمبر 1962م، ولكن الفكرة التي تنتابني هنا هي أنني أتذكر أن المدرسين الذين درسوني في الابتدائية كانوا مصريي الجنسية وسودانيين، وكانوا يأتون لتعليمنا بمعية زوجاتهم، فلماذا لا تضع الخدمة المدنية بالتعاون مع إدارة التربية والتعليم والجمعيات التي تستهدف نشر التوعية بالتعليم في هذه المناطق حصة لهذه المناطق النائية للخريجين من الموظفين والموظفات الجدد من المتزوجين الذين يرغبون بالبقاء في الأرياف، وبشكل مشروط بحيث إنه لا يحق لهم النقل إلا بعد مضي خمس سنوات، كما أنه لا يحق للتربية أن ترفض نقلهم بعد المدة المحددة، وعلى الجمعيات أن توفر لهم المساكن في تلك الأرياف، بدلاً من أن توزع لليتامى والأرامل أكياس البر والدقيق التي قد نال بعضاً منها السوس، لماذا لا ننظر بطريقة مختلفة إلى كيفية توزيع الصدقات والمنح المالية، أبناؤنا هناك يحتاجون لتعلّم الحرف أكثر من أي شيء آخر؟!. تخيلوا لو تم إعلان مثل هذا من قبل الخدمة المدنية بالتعاون مع مكتب التربية والتعليم وانتقل مدرسون بمعية زوجاتهم من المدرسات إلى تلك المناطق ومكثوا فيها خمس سنوات، مؤكد لن يخرجوا إلا وقد انتقلت تلك المناطق جذرياً من الأمية إلى التعليم، وأصبح أبناء وبنات المنطقة يعلّمون أبناءهم بكوادر من أبناء المنطقة نفسها. أشعر بالأسى عندما أرى جهوداً كالتي يبذلها الصندوق الاجتماعي للتنمية في نشر التوعية للتعليم، في ظل عدم اهتمام مقصود أو غير مقصود من مكتب التربية في مدينة تعز، كما ينتابني إحساس بالغبن تجاه الجمعيات الخيرية التي تنظر إلى مساعدة الناس فقط لملء بطونهم، بينما المثل الصيني يقول: “لا تعطني كل يوم سمكة ولكن علمني كيف أصطاد السمك”. نشر التوعية والتعليم في مناطق تعز النائية يحتاج إلى جهد كبير وتكامل بين كل الجهات الحكومية، وكذلك الجمعيات الخيرية والمنظمات المعنية، تعز ليست فقط هي المدينة، تعز ثقلها وتعداد سكانها الأضخم في الأرياف، فلنوجه جهودنا إلى من يحتاج إليها. رابط المقال على الفيس بوك