عندما أكبر سأرتدي فستان أمي الوردي... وأضع الألوان مثلها وتلك الحذاء الفضية ذات الكعب العالي.. عندما أكبر سأرتديها... وعندما أكبر وعندما... وعندما... وعندما... وها أنا كبرت وشاخت تلك الأمنيات الصغيرة بين ابتسامة طفل شارد يحتضنه الرصيف، وأم كسيرة على أطفالها... وأب لا يجد حق الرغيف، وشعب يبتسم رغم أن ما فيه من وجع يفوق الوجع ذاته. ليتني لم أكبر لا لأني لم أجد فستان أمي ولا حذائها.. بل لأني أصبحت أختزل هم وطن بقلب واحد وروح واحدة... أصبحت أمشط الشارع كي أخرج براكين الغضب والحزن، يستوقفني الوجع كله، الأطفال المشردين والمتسولين وبين ذاك الذهول أجد موكب الشيخ والمسئول الجامح الذي لا يوقفه حتى الله... فقد وصلت بهم الغطرسة حد الألوهية. للركوب، وإذا بإشارة المرور تتعمد زرع التوتر بداخلي فتعطي اللون الأحمر ننتظر حتى يتلاشى هذا اللون الأحمر ونمر بسلام، وإذا بها تسألني بوجهها الأشقر المحروق من الشمس هل أنت من سوريا.. قلت لها نعم .. قلت لها لماذا تركتم سوريا قالت لم يتبق لنا شيء كل شيء تدمر حتى منزلنا... قلت لها وهل بشار الأسد على حق صمتت وقالت أنا أحب بشار طفلة ذات 13عاماً.. كانت عيونها مغمورة بحزن ودمعة خفية ابتسمت لي وقالت بترجاكي جاوبيني أنت من سوريا؟ .. ابتسمت بحزن لها وقلت نعم فطبعت على خدي قبلة وتحركت الإشارة وغادرت. لم أكذب عليها فأنا وأنت وكلنا من سوريا ومن اليمن ومن العراق ومن ليبيا ومن تونس ومصر كلنا عرب وهمنا واحد. لهذا تمنيت أنني لم أكبر.. وأعود لطفولتي القديمة حيث الألعاب و الآيسكريم ومكعبات الشكلاه... لأشاهد سالي والرمية الملتهبة وتوم وجيري والفتى النبيل و بوليانا والكابتن ماجد وتوم سوير وروبن هود والرغيف العجيب. واعدكم أن لا أغضب عندما تقرر أمي تجذيل شعري فقط أريد أن أعود لطفولتي تلك ومنزلنا الصغير والدفء المفقود. لم أعد أحتمل سقوط كل هذه الأرواح من الجند والمواطنين وكل يوم تشييع جنائز للأبرياء في كل الدول التي زارها هذا الربيع الأحمر بلون الدم. المتنفذون كل همهم حماية قصورهم ومواكبهم وكلهم سكارى من لم يسكره الكأس أسكره مجونه ومن لم يسكره المجون أسكرته أطماعه وشروره ... نعم كلهم ثُمالا وكل بما يُسكِره. رابط المقال على الفيس بوك